اخبار اليمن | تقرير: ماذا يعني قرار نقل مراكز المصارف من صنعاء إلى عدن؟

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

في الثاني من نيسان/ أبريل 2024، قرّر البنك المركزي اليمني في ، التابعة لسيطرة الحكومة المعترف به دولياً، نقل المراكز الرئيسية للبنوك والمصارف بمختلف أنواعها من العاصمة التاريخية التي يسيطر عليها الحوثيون إلى  العاصمة المؤقتة عدن.

جاء ذلك إثر إعلان محافظ البنك المركزي في صنعاء، في 30 آذار/مارس 2024، إصدار عملة معدنية فئة 100 ريال، بدلاً من العملة الورقية التالفة من نفس الفئة، مبرراً ذلك في مؤتمر صحافي، بـ"تسهيل التداول المالي" لأن "العملة الجديدة ستعوض التالفة فقط، ولن تكون هناك إضافة لأي كتلة نقدية معروضة".
إجراءٌ، يراه بعض المتخصصين، إمعاناً في الانقسام المصرفي في البلاد ويصفونه بالفوضى المالية، في حين يعتقد آخرون أنه بمثابة خطوة ضرورية لإبعاد النظام المصرفي في البلاد عن السياسة وتداعيات الحرب والصراعات الدائرة بين الشطرين المنقسمين، بما ينعكس بالإيجاب على المواطنين في عموم

 

•أسباب وتداعيات
قرار البنك المركزي في عدن، الذي حمل الرقم 17 لسنة 2024، والمذيّل بتوقيع محافِظِهِ أحمد أحمد غالب، شمل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر المحلية والأجنبية والتي تقدر أعدادها بـ14 مركزاً.
وحدد لها بموجب المادة (1) من القرار، مهلة ستين يوماً للانتقال إلى عدن. في حين، هددت المادة (2) منه، باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المراكز المتخلّفة، وفقاً لأحكام قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وجاء في حيثيات القرار أن"البنوك والمصارف العاملة في الجمهورية تتعرض لإجراءات غير قانونية من قبل جماعات مصنفة إرهابية، من شأنها تجميد حساباتها وإيقاف العمل معها خارجياً" وأن إصدار الجانب لعملات "غير قانونية" سيؤدي إلى الإخلال بالنظام المالي والمصرفي في البلاد وتدميره. 
القرار أثار جدلاً بين المتخصصين في الشأن المالي، إذ عده البعض محاولة لتوحيد المسارين المالي والمصرفي في البلاد، في حين أن آخرين وجدوه إمعاناً في الانقسام بينهما، معتبرين أن انعكاساته وتداعياته السلبية سيتحملها المواطن اليمني.
عن ذلك، يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، لرصيف22 مدافعاً عن قرار البنك المركزي في عدن، الذي اعتبره رد فعل على إصدار نظيره في صنعاء عملة جديدة: "البنوك المعترف بها هي التي يحق لها إصدار النقود، وبنك صنعاء المركزي غير معترف به دولياً". يلفت نصر إلى أن المراكز التي ستخالف القرار، ستكون مهددة بـ"تعليق السوفت وعلاقاتها الخارجية، ما يجعلها بنوكاً محلية، ولن تتعامل مع النظام المصرفي الإقليمي والدولي". 
أما في ما يتعلق بتداعيات القرار، فيقر نصر بأنها ستكون سلبية حيث "ستزيد من حدة الانقسام النقدي والقطاع المصرفي بنحو عام، وتتسبب في مشكلة كبيرة للمواطنين بسبب ارتفاع نسب الحوالات والإجراءات المزدوجة"، مستدركاً "نظامان اقتصاديان في بلد واحد أمرٌ كارثي".

في الأثناء، يشكك الخبير الاقتصادي نبيل الشرعبي في تنفيذ قرار البنك المركزي في عدن،  قائلاً في حديثه لرصيف22 إنه ليس القرار الأول من نوعه، إذ صدر قرار مماثل في 2021 لكنه لم ينفذ، تماماً كما حدث مع قرارات أخرى سابقة كان قد أصدرها، ولم ينفذ أي منها، على حد قوله. 

يعدد الشرعبي تلك القرارات في "تحذير البنوك في صنعاء من قبول تجميد حسابات الأشخاص الذين ينتمون أو يدعمون الحكومة . وحصر استخراج تراخيص الصرافة ببنك عدن المركزي. وتحذير البنوك من التعامل مع المحافظ الإلكترونية التي أعلن عنها بنك صنعاء".
ويعزو إقدام المركزي في عدن على إصدار قراره الأخير الذي وصفه بـ"الارتجالي"، إلى ضغوط داخلية وخارجية تعرض لها، متوقعاً أنه سيتعرض إلى المزيد منها الآن لا سيّما"أنه سيواجه تحدي عدم تنفيذ قراره".
يتابع الشرعبي متسائلاً:"هل ستوافق صنعاء على النقل؟ وما هي ضمانات صيانة حقوق المساهمين؟ وكيف ستعقد الاجتماعات السنوية لمجالس الإدارة؟"، منتقداً البنك المركزي في عدن "على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي به، إلا أنه لم يعالج بشكل جاد قضية حقوق المودعين، ما أدى إلى ضعف الثقة به".
أما المختص بالشؤون القانونية، المحامي أسامة عمر، فيحذر من الزيادة في العرض النقدي، بسبب سك العملة المعدنية الجديدة في صنعاء "ما يؤثر على  أسعار الصرف، خاصة مع عدم إلغاء عملة المائة ريال السابقة".
ويعتقد عمر، بحسب ما يذكر لرصيف22، أن السلطات في صنعاء لديها آليات لتوزيع تأثير تلك الزيادة على جميع مناطق اليمن، من خلال "القيم الدفترية للعملة التي تحتسب بالريال بغض النظر عن نوعها. ومع مرور الوقت، يُرجح أن تتحمل مناطق الحكومة المعترف بها دولياً كامل تكلفة هذه الزيادة، ما يعني أنه قد تكون هناك زيادة في معروض - ريال صنعاء مرتفع القيمة - بما يؤثر بشكل أكبر على معروض العملة الصعبة".
ويعلق ماجد الداعر، وهو موظف في "كاك بنك"، على قرار نقل مراكز البنوك والمصارف إلى عدن بقوله: "لن يؤثر إطلاقًا على حياة المواطنين، لأنهم غير مستفيدين من البنوك في مناطق سيطرة فهي شبه معطّلة ولن تعود قادرة على تقديم أي شيء خاصة بعد صدور قرار إنهاء الأرباح، الذي يسمونها بالقانون الفوائد الربوية، هذا القانون دمّر دور البنوك ودور الودائع وأنهى أي مصلحة للمواطن في البنوك".
وفي ما يتعلق بسك الحوثيين للعملة الجديدة، أعرب الموظف البنكي في حديثه لرصيف22 عن قناعته التامة بأن تأثير ذلك سيكون "محدوداً للغاية" باعتبار "أن كمياتها غير معروفة، وهو مجرد حل لمعالجة مشكلة المبالغ التالفة أي ستكون محصورة التداول ضمن مناطق الحوثيين فقط". 

 

انقسام البنك المركزي
وكان قد تأثر القطاع المصرفي في اليمن، على نحو كبير، بتقسيم البنك المركزي في أيلول/ سبتمبر 2016 إلى فرعين تابعين للطرفين الرئيسيين في النزاع العاصف بالبلاد منذ عام 2014، ما أدى إلى نقل المقر الرئيسي إلى عدن، وطُبِعت هناك عملة جديدة لتعويض النقص الحاصل في السيولة النقدية. 

وعام 2017، قامت حكومة عدن، بتوسيع نقدي وصفه المتخصصون بـ"الهائل" إذ طبعت عملة جديدة لسد العجز في ميزانيتها لتغطية رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتها، بما أدى إلى تقلبات في أسعار الصرف وتراجع قيمة العملة هناك.
وفي كانون الثاني/ يناير 2020، فرضت حكومة الحوثيين حظراً رسمياً على تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها، ما أدى إلى وجود مناطق تتعامل بعملتين مختلفتين داخل اليمن. ووفقاً لمراقبين، فقد استقر سعر الصرف في مناطق الحوثيين، التي تتداول العملة القديمة، منذ نيسان/ أبريل 2022، عند 540 ريالا يمنيا مقابل الأمريكي،  أما في عدن، فيصل سعر الدولار إلى 1665 في الوقت الراهن.

 

موقف بنكيّ عدن وصنعاء
تعقيباً على التطورات الأخيرة، يوضح وكيل محافظ البنك المركزي المساعد للدراسات والإحصاء في عدن، بسام عثمان، لرصيف22، أن قيام حكومة صنعاء بسك العملة المعدنية فئة 100 ريال هو الذي أجبر البنك المركزي في عدن على إصدار قرار نقل مراكز البنوك والمصارف. 
وهو يعلل ذلك بـ"الحفاظ على الأسس الرئيسية للعمل المصرفي ومقدرات القطاع الخاص، والحفاظ على بيئة قانونية مناسبة للاستمرار والتنمية الاقتصادية الوطنية"، متهماً السلطات في صنعاء باتخاذ سك العملة الجديدة "غير المشروعة" وسيلة لنهب مقدرات القطاع الخاص والاقتصاد.

يشدد عثمان على أن صلاحية سك العملة، محصورة وفقاً للقانون بالبنك المركزي في عدن، ويقول: "بعد نقل الإدارة العامة للبنك إلى عدن عام 2016، أصبح الوحيد المعترف به دولياً لكافة الجمهورية اليمنية، ويقوم بتنفيذ أدوات السياسة النقدية، ومن بين مهامه، وفقاً لقانون البنك رقم 14 لعام 2000، سك العملة وإدارة ورقابة وتنظيم أعمال القطاع المصرفي".
كما يُذكّر بأن البنك المركزي "يتعامل بمرونة عالية مع تصرفات الحوثيين التي وصفها بغير القانونية لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية، ويحرص على تحييد القطاع المصرفي من تداعيات الحرب والصراع القائم، وذلك للحفاظ على استمرارية عمليات البنوك في جميع مناطق البلاد".
ويعبر المدير العام الأسبق لإدارة النقد الأجنبي والصرافة في البنك المركزي بصنعاء، د. إبراهيم العواوي، عن استغرابه من ردود الفعل إزاء سك العملة الجديدة، ويقول لرصيف22 إنها لا تمثل سوى نسبة بسيطة جداً من العرض النقدي الكلي، وبالتالي كان القرار صحيحاً ولا يؤثر على أسعار صرف العملات الأجنبية.
ويوضح وجهة نظره: "الفئات النقدية الصغيرة حجمها صغير جداً مقارنة بإجمالي العرض النقدي الكلي، ولن تؤثر على سعر صرف العملات الأجنبية، كما أن العملة الورقية فئة الـ100 ريال، أصبحت تالفة نتيجة تداولها لأكثر من 40 عاماً، وأصبحت تنقل العديد من الأمراض المعدية وتسبب مشاكل اجتماعية كبيرة للمواطنين".
وفي ما يتعلق بنقل الإدارات العامة للبنوك إلى عدن، يقول العواوي إنه مخالف لقانون الشركات والنظام الأساسي للبنوك، لأن "معظم عملاء هذه البنوك في صنعاء، وتجهيزاتها الفنية والإدارية أيضاً هناك"، مذكراً بأن اليمن ما يزال تحت البند السابع لقرار مجلس الأمن منذ سنة 1914، وأن بوسع البنوك رفض القرار واللجوء إلى القضاء. وهو يتساءل: "إذا كان البنك المركزي في عدن مهتماً بالبنوك كما يدّعي، فلماذا لا يسدد لها أذونات الخزانة، على الرغم من أنه قام بطباعة أكثر من 5 تريليونات ريالات؟".
الخبير الاقتصادي، وعضو اللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء، رشيد الحداد، يصف لرصيف22 قرار نقل مراكز المصارف والبنوك إلى عدنان بأنه "سياسيٌ وغير مبرر" ويستهدف المركز المالي للجمهورية اليمنية المتواجد في صنعاء، مبيناً "حكومة صنعاء تسيطر على أكثر من 65% من إجمالي السوق اليمني، ولو كان للبنوك والمصارف مصالح في عدن، لكانت نقلت هي بنفسها مراكزها الرئاسية الرئيسية إلى هناك"، معبراً عن قناعته بأن البنوك سترفض القرار لأنها "تعمل وفقاً لمصالحها وأنشطتها ولديها مجالس إدارة وجمعيات عمومية تحدد قراراتها".

 

وقف التعامل مع بنوك
وكان البنك المركزي اليمني في عدن قد أعلن في 19 آذار/ مارس 2024، توقفه عن التعامل مع عدد من البنوك وشركات الصرافة التي خالفت تعليماته، من بينها خمسة من أكبر البنوك والمؤسسات المالية في البلاد، وهي: بنك ، وبنك اليمن والكويت، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، ومصرف اليمن والبحرين الشامل، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي.
وفي هذا السياق، يقول بسام عثمان لرصيف22: "نحن نعمل على تنظيم القطاع المصرفي من خلال شركة تحويلات 'مجموعة صرافات'، التي تشمل جميع المشاركين في السوق"، مردفاً بأن قرار وقف عمليات تحويل الأموال إلى مناطق حكومة صنعاء جاء بسبب "منع الحوثيين شبكات شركات الصرافة في صنعاء من الربط مع الشبكة الموحدة الخاصة بالتحويلات المالية التابعة للبنك المركزي في عدن، ولكن تم سحب القرار بعد امتثال البنوك لتلك الإجراءات في ذلك الوقت".
في هذا الصدد، يوضح مصطفى نصر أن كفّة البنك المركزي في عدن هي الأرجح، لأنه "يملك السويفت الدولي، أي معترف به دولياً، ولهذا لديه القدرة على إجبار المصارف والبنوك على الانتقال إلى عدن"، مشيداً بالقرار. 
لكن على الأرض، لا يحظى القرار بنفس الإشادة، ولا سيما بين التجار على نحو عام وتجار العملة على نحو خاص. يقول صاحب صيرفة، فضّل عدم ذكر اسمه، لرصيف22، إن القرار "غير سليم، بل وكارثي" حيث أن "معظم التجار موجودون في صنعاء، والأعمال بشكل عام هناك وليس في عدن، ما يعني أن نقل البنوك سيؤدي إلى عرقلة العمليات المالية وتعقيد الحركة المالية".
يشير المصدر عينه إلى معاناة يتكبدها المتعاملون بالعملة منذ أصبح البنك المركزي في عدن هو المعترف به دولياً إذ "جعل ذلك مسار عمليات التحويلات المالية والحوالات الخارجية تتم من صنعاء ومن ثم إلى عدن وبعدها إلى الوجهة النهائية، ما يزيد من تعقيدات العمليات المالية وتكاليفها". وأيضاً التراخيص الرسمية للأعمال والتجارة لا تُصدر عبر البنك المركزي في صنعاء، بل تتم عبر بنك عدن، ما يجعل النظام المصرفي متشعباً، حسب رأيه.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة يمن فيوتشر ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من يمن فيوتشر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

0 تعليق