الاحتلال الأمريكي ونتيجة احتلاله للعراق وأفغانستان، ولاسيما الأخيرة، وبقاؤه فيها لعقدين كاملين أدرك تماماً أن الحرب من أجل الحرب، والقتال من أجل القتال مع غياب الرؤية والمشروع السياسي الواضح، يحوّل الجيوش أشبه ما تكون إلى قطاع طرق، ولذا كانت النتيجة لاحقاً حصول عملية استنزاف أمريكية حقيقية في أفغانستان، إن كان على صعيد الخسائر البشرية أو على صعيد الخسائر المادية والتي قدّرتها الواشنطن بوست بثلاثة تريليونات دولار على مدى العقدين الكاملين من الاحتلال، بينما النزيف غير المرئي للأمريكيين، فقد يكون أكثر من هذا، على صعيد المرض النفسي، وتكاليف معالجاته الباهظة لكل من شارك في الحرب، حتى أطلق عليها البعض عقدة أفغانستان، تشبيهاً بعقدة فيتنام التي أصابت الجيش الأمريكي في نهاية الستينيات.
لقد أرغمت المقاومة الأفغانية بعد عقدين من مقاومة الاحتلال على الرضوخ والاستجابة لشروطها، والتي كان مشروعها ورؤيتها السياسية واضحاً منذ البداية، وهي طرد وإجلاء قوات التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية عن أراضيها، فأتى الانسحاب مهيناً ومُذلاً، ولقد تقازم أمامه هروب وانسحاب القوات الأمريكية في فيتنام، الأمر الذي عزز قناعة الأمريكي لاحقاً من ضرورة وجود رؤية سياسية لأي احتلال أو عدوان، وهو ما كان يحاول أن يقنع به جيش الاحتلال الصهيوني، لكن دون جدوى، وربما سيقتنع الاحتلال الصهيوني بذلك لكن بعد فوات الأوان إن شاء الله.
نأتي على الجيش الروسي في سوريا والمليشيات المرتزقة التي أتت من كل حدب وصوب لكسر إرادة السوريين وهزيمة الثورة السورية، لنجد أن هذا الجيش وعلى الرغم من حالة التجييش والتعبئة التي حشدها، لكنه فشل بعد تسع سنوات تقريباً في حصد ثمرة سياسية لحضوره العسكري، إن كان بعجزه عن السيطرة على كامل التراب السوري، فلا يزال أكثر من 35 % من الأراضي السورية خارج سيطرة حليفه الأسد، بالإضافة إلى وجود أربعة جيوش إقليمية ودولية تنافسه هذا الحضور، وهو الذي سبق أن توعد بالقضاء على خصوم بشار الأسد في غضون ثلاثة أشهر من غزوه لسوريا، وعلى الرغم من الخسائر البشرية والمادية، والهيبة الدولية التي تعرّض لها في سوريا، لكنه فشل فشلاً ذريعاً في فرض شروطه وشروط حلفائه المحليين، وبرزت هنا لا أخلاقية الجيش الروسي حين اعتمد على مليشيات مرتزقة، شوهدت وهي تقتل مدنياً سورياً بالمطرقة، بالإضافة إلى قصف كل ما طالته الطائرات الروسية من مشافٍ ومدارس وأسواق ومخابز، فضلاً عن إرغام الملايين على الهجرة والتشرد من بيوتها، مما أسقط أخلاقية الجيش الروسي، تماماً كما أسقطها في غزوه الأخير لأوكرانيا.
اليوم مع لا أخلاقية الجيش الصهيوني، يتأكد من جديد أن حروب القرون الوسطى لا تختلف عما نعيشه اليوم من إجرام وقتل وتشريد وإبادة، كل ما تغير أن من كان يقتل بالأمس بالفؤوس والسهام والسيوف والسكاكين، يقتل اليوم بأحدث منها، وأحياناً بمثلها كما حصل بمذابح الشعب السوري في غير مجزرة، حيث استخدمت السكاكين في نحر رقاب الأطفال والنساء..
د. أحمد موفق زيدان – الشرق القطرية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق