اخبار السودان من كوش نيوز - الطفولة والهواتف الذكية والخطر الداهم

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
لسنوات والعقلاء وأصحاب الخبرة، يتحدثون عن مخاطر الهواتف الذكية على الناس بشكل عام والطفولة بشكل خاص، كونها الحلقة الأضعف في استهدافات التكنولوجيا، لكن الكتاب الأخير الذي صدر للباحث جوناثان هايدت بعنوان (الجيل القلق) بث الرعب الحقيقي في النفوس بشأن الخطر الداهم الذي يلمّ بالبشرية وتحديداً طفولتها. يتحدث الكتاب عن الإجراءات التي يتخذها العالم لحماية الطفولة من العالم الواقعي، بينما يُصم آذانه عن الإجراءات الضرورية التي تحمي الطفولة من العالم الافتراضي، حيث يقضي الطفل غالبية أوقاته في ذلك العالم دون رقيب أو حسيب، فغدا الأمر أشبه ما يكون بمخدرات تكنولوجية أدمن عليها الطفل، لا يستطيع الفكاك منها، يساعده على ذلك والدان ربما أرادا أن يتخلصا من أعباء متابعته، فيُسلمانه إلى هذه التكنولوجيا اللعينة، التي تخلصانهما من شقوة الأطفال، فيدفع الأفراد والمجتمع لاحقاً ثمناً باهظاً لهذا الإدمان، وهذه اللامبالاة. النتائج الكارثية التي سببتها هذه الهواتف ماثلة أمام أعيننا جميعاً، فلم تعد افتراضية، ولا متوقعة الحصول بعد سنوات أو عقود، وإنما نعانيها بشكل لحظي، يتمثل ذلك بالشرود الذهني، والتشتت الطفولي، فيفقد الكثيرون بذلك التركيز، وهو أمرٌ يواجهه معظم الآباء والأمهات حين يطلبون من أولادهم شيئاً، فتجد الطفل لا يعرف ماذا سيفعل، لأن ذهنه مشغول بما كان قد شاهده، أو بما يريد أن يشاهده بعد قليل.
من الانعكاسات الخطيرة لاستخدامات هذه الأجهزة على الطفولة حالة القلق التي تنتاب الكثيرين، ومعها الحرمان من النوم، خصوصاً إن كان قد دخل لمشاهدة مقاطع مرعبة ومخيفة لا تتناسب مع سنه، فلا هو قادر على أن يُبلغ الوالدين بما شاهده، لأنه حينها سيُحرم من استخدام الهواتف الذكية، فيؤثر الطفل الكذب على الوالدين، وهو ما يُنمي ظاهرة الكذب لدى الطفولة على الوالدين، وهي الظاهرة التي سرت حتى عند الكبار، الحريصين على إخفاء خاصية المشاهدة على الواتس ونحوها، كي لا يظهر أنه يستخدم النت لفترة طويلة.
الإدمان على استخدام الهواتف الذكية ألقى بظلاله على تعليم الطفولة، بحيث لم يعد الطفل يركز على القراءة والكتابة، وهو أمرٌ يواجهه اليوم بعض الصحفيين الكبار في السن، فقد قال لي أحدهم بأنه لا يستطيع أن يواصل قراءة دراسة سياسية أو تاريخية مطولة نسبياً، لأنه سريعاً ما يعود إلى الموبايل، مفضلاً المنشورات السريعة، أو الوجبات السريعة، فإن كان هذا يجري مع الكبار في السن؟! فكيف بعالم الطفولة؟ فهي بالتأكيد أشد هروباً من الدراسات والمقالات الجادة، وهو أمر في غاية الخطورة على مستقبل العلم والدراسات الجادة.
جوناثان هايدت في كتابه المذكور يعتقد أن الهاتف ينبغي أن يكون بعيداً عن متناول الطفل حتى سن الحادية عشرة، أما مواقع التواصل الاجتماعي بنظره فالسن الذي يناسب دخولها هو سن السادسة عشر، وهو ما تسعى ولاية فلوريدا في أمريكا إلى تطبيقه اليوم، وعلى الجميع أن يحذوا حذوها، أملاً في حماية الطفولة من العالم الافتراضي هذا.
يعتقد هايدت أيضاً ومعه كثير من الشخصيات المعنية بمسألة حماية الطفولة من الألواح الذكية أن الحل الأمثل يكمن في إنفاق الوالدين جزءاً كبيراً من أوقاتهما مع الأطفال، بحيث يتم اصطحابهم إلى المساحات الخضراء، والتي تُنسيهم في العادة الألواح الذكية، ولعل كل واحد فينا لديه تجربة في ذلك، فحين يتم اصطحاب الأولاد إلى الحدائق والغابات، ويجري اللعب معهم في الهواء الطلق، فإنهم نادراً ما يطلبون الهواتف الذكية، وهي تجربة مهمة يدعو إليها أمثال هايدت، للهروب من العوالم الافتراضية، والنزوال إلى العوالم الواقعية، ولكن هذه المرة بمشاركة الأبوين لأبنائهما في اللعب بأجواء الطبيعة، ولعل هذا ما يفسر ظاهرة أن سكان الريف والأطراف أقل إدماناً على الهواتف من سكان المدن.
الدراسات الأمريكية الحديثة أظهرت أن الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية أقل سعادة بسبب استخدامهم الهواتف الذكية، ولكن للأسف، دولنا العربية والإسلامية لا تزال تفتقر لهذه الدراسات، لنتعرف من خلالها على حالة الطفولة والفتوة في عالمنا، وبالمقابل تنصح الدراسات الأمريكية الأخيرة بوجوب تعاون المدرس والأسرة مع أذرع التوعية الأخرى مثل وسائل الإعلام، من أجل معالجة ظاهرة الإدمان التقني الذي تعد الطفولة أحد ضحاياه الأساسيين، لما لها من ارتدادات وانعكاسات خطيرة على مستقبل الطفولة، ومستقبل عالم سنعيشه نحن وأبناؤنا قريباً.
د. أحمد موفق زيدان – الشرق القطرية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق