اخبار السودان من كوش نيوز - لعلك باخعٌ نفسك!

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
لعلّه من أعمق الإدراكات التي لا تزيد المرء إن وعاها وطبقها في حياته إلا راحة بال، وسكينة خاطر، وطمأنينة فؤاد ونموّ متتابع هو أن يتحرر من شعوره بالندم والتأنيب تجاه أمر ما. فلا الشعور بالندم تجاه ما اقترفت، ولا التبكيت المستمر على ما فوّت سيفيدك في الارتقاء والتطوّر، بل على العكس فلربما شكلّت لروحك أسوارا وسدودا تمنعها من التجربة والانطلاق، ولربما جعلتك تغادر اللحظات الآنسة البهيّة التي كان يجب عليك أن تعيشها الآن، فتُذهل عنها بالتأمل والاستغراق بما عكّر صفو نفسك في ماضٍ مر وانقضى، وباجترار لذكريات لن تعود، ولقرارات لن يتسنى لك العدول عنها.
فلعلك باخعٌ نفسك، ومُضيّق على وجدانك الدنيا بما رحبت، قد ذويت زهرة فؤادك، وجفّت أوراقه، فلا يغدو سوى أطلال شواهد على ما تبذلبه الجهد لتتعس نفسك بنفسك، وتُقيمها في العذاب في دُنيا مآلها إلى الفناء، وتغيب عن زهرة أيامك، وأُنس لحظاتك، وما يحاوطك من السعة والسرور، وتنسى أن الإسراف في الحزن على الماضي أو الإفراط في الخوف من المستقبل ليس من شيم المؤمنين الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون!
وليس المعنى من ذلك أن لا يندم المرء على ما قدّمت يداه من الذنب، أو ما أسرف به على نفسه من الخطيئة، ولكن المقصد هو أن لا يُسرف عيش شعور التنديد والعذل لنفسه، يجلدها آناء الليل وأطراف النهار، ويتمادى في لحي ذاته تقريعاً وتوبيخاً.
فلا يمضى الوقت طويلاً حتى تضحى روحه خاوية على عروشها قد يبس وجدانه، وذهل عقله، وتراكمت عليه الهموم، فلا يرى في الوجود شيئاً جميلاً، وتبهت رؤيته فلا يعود يُبصر سوى النقائص والعيوب، ويُصرف وجدانه عن تذوق ما حوله من الخير والنعيم، وما هو مُحاط به من الآلاء والنعم، فضرب بينه وبين الرضا والتسليم بسورٍ له باب باطنه وظاهره العذاب.
فيموت قبل الموت، ويتلاشى من الوجود قبل العدم، ويضحى هيئةً بلا روح، ليس له من معنى سوى صورة الجسد، وهذا – لعمري – لهو ظلم النفس، الظلم الأشد مضاضة من وقع الحسام المهند!
لحظة إدراك:
بهيجةٌ تلك اللحظة السماوّية التي يُدرك المرء من خلالها أن (الدُنيا) لها من اسمها نصيب، فمن عظَّ وعظّم ما فيها فقد كتب على نفسه اضطراب النفس، وكدر الخاطر، وتأرجحت كفته بين الحزن والخوف، فلا تلبث أن تُطوى أيامه من بين يديه، وهو إلى الزوال لابّد صائر !
فلا أجلّ من أن يُدرك أن سكون ، وسلام الخاطر، وشراحة الصدر هو مما يُسعى إليه بالدربة على إنصاف النفس والتخفف من كل كدر، والتسليم بما كتب الله وقدّر، وهذا هو جوهر الإيمان الحقّ وثمرته.
خولة البوعينين – الشرق القطرية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق