اخبار السودان من كوش نيوز - خالد عمر يوسف يكتب: السودان.. ماذا جنينا في 68 عاماً من ال«بل بس»؟

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
– في العام 1955 وقبل أشهر معدودة من الاستقلال اندلع القتال في توريت فيما اصطلحت كتب التاريخ الرسمي السوداني على تسميته ب "تمرد كتيبة توريت". تعامت الحكومات المركزية آنذاك عن الجذور السياسية للقضية، وتحدثت كثيراً عن دور المستعمر في هذه الأحداث، وجاء عبود بسياسة المناطق المحروقة "الترجمة الحرفية لشعار بل بس"، ولم تجدي رغم عظم المجازر التي ارتكبت حينها، ومن ثم حدث اتفاق اديس ابابا في العام 1972، وتم التوصل في خاتمة المطاف لحل سلمي سياسي بعد 17 عاماً من القتال. – في العام 1983 اندلعت الحرب مرة أخرى في الجنوب فيما عرف بأحداث الكتيبة 105 في بور. استمرت الحرب وسقط نميري في 1985، وفي الديمقراطية الثالثة جرت خطوات التسليح الأهلي فيما عرف بقوات المراحيل، وحين ظهرت بارقة الحل في اتفاق الميرغني _ قرنق، الذي توصل لوقف لإطلاق النار ولمعالجة الأزمة عبر مؤتمر دستوري يحافظ على وحدة السودان، ويعالج القضايا سلماً. رفضت الجبهة الإسلامية القومية حينها الإتفاق وعبأت الشارع ضده مستخدمة شعارات دينية "النسخة الدينية من بل بس"، وجاء انقلاب 89 ليكثف ظاهرة التسليح الأهلي والجيوش الموازية، وبعد 22 عاماً من المجازر ودعاية ذلك الزمان الحربية من ساحات فداء وأعراس شهيد و"أشرب جبنة في بور محل ما ولدت"، جاء اتفاق نيفاشا في العام 2005 لينتهي بانقسام السودان بعد حرب سقط فيها 2 مليون قتيل وملايين اللاجئين والنازحين.
– في العام 2003 دخلت قوة محدودة من حركة تحرير السودان لمطار الفاشر، رأى بعض رموز النظام السابق آنذاك حل القضية سلماً، في حين رفض صقورهم ذلك وقالوا "بل بس"، فسلحوا الجنجويد وحرس الحدود وارتكبوا ابادة جماعية في دارفور سقط خلالها 300 الف قتيل وملايين اللاجئين والنازحين، وتطورت ظاهرة التسليح والجيوش الموازية حتى تم انشاء الدعم السريع في 2013 وأجيز قانونه في 2017 وتم ارساله لحروب جبال كردفان وحرب اليمن حتى صار جيشاً موازياً للقوات المسلحة. لم ينجح اتفاق ابوجا في العام 2006 في ايقاف الحرب وتواصلت الحرب حتى جاء اتفاق جوبا لسلام السودان في 2021 بعد 18 عاماً ليخمد أصوات البنادق في دارفور.
– في العام 2011 وعقب احداث تزوير انتخابات جنوب كردفان لصالح أحمد هارون، هاجم النظام السابق الجيش الشعبي لتحرير السودان في 5 يونيو 2011، وبدأت الحرب. حاول مالك عقار حينها وهو حاكم النيل الأزرق اخماد القتال وأجرى تحركات ماكوكية فكان جزاءه أن هاجم نظام الخرطوم مدينة الدمازين في سبتمبر 2011، وخرج البشير في المنصات يتحدث عن الحشرة الشعبية وعن صلاته المرتقبة في كاودا وعن ال "بل بس"، فكانت النتيجة آلاف القتلى وملايين من النازحين واللاجئين واستمرت الحرب حتى سقط البشير وجاءت الثورة فأتت باتفاق المنطقتين ضمن اتفاق جوبا لسلام السودان في العام 2021، بعد 10 سنوات من القتال الدامي.
هذه دروس وعبر تاريخنا الممتد من الحروب، في كل حرب كانت نخب البلاد ترفض الحل السلمي وترفع شعار "بل بس". قامت ذات النخب باختراع ظاهرة التسليح الأهلي وانشاء المليشيات والجيوش الموازية، من أجل محاربة ما ظلت تسميه ب"التمرد"، ومن ثم بعد عقود من القتال، تتصالح مع التمرد بعد تقضي على الحرث والنسل وتعيد تسميته وتتقاسم معه السلطة، ولكن بعد أن تكون قد قتلت وشردت الملايين، وانهكت الدولة، وزادت وتيرة التسليح وصنعت جيوشاً موازية تضاعف من أزمة القطاع الامني والعسكري.
وبحسب صحيفة السوداني ، الآن بعد اندلاع حرب 15 أبريل، ينظر الكثير من متبعي نظرية "البصيرة أم حمد" لتقفي أثر أخطاء الماضي حذو النعل. بل بس وسحق التمرد ورفض الحلول السلمية والدعوة للتسليح الأهلي، لتحل مشكلة الجيش الموازي بخلق عشرات الجيوش الموازية بديلاً عنه!!!
أرجو أن نستخلص من دروس تاريخنا أن الحرب ليست حلاً لأي من أزماتنا، وأن الحلول السلمية خير وأبقى وأقل كلفة، وأن حرب 15 أبريل هذه قد تكون آخر حروبنا إذا ما تراضينا على حل سياسي "جذري" يضع أساساً صحيحاً لدولة سودانية موحدة ذات سيادة تعبر عن جميع أقوامها بعدالة، وتنبذ ميراث الاقصاء والهيمنة، وتُصلح فيها المنظومة الأمنية والعسكرية ليكون لدينا جيش واحد مهني وقومي لا علاقة له بالصراع السياسي ويلتزم بواجباته الدستورية في حماية الوطن من المهددات الخارجية، ويلتزم فيه الجميع بالديمقراطية فيصلاً في اختيار من يحكم وأي البرامج أصلح وأنفع للوطن وأهله.
لا للحرب
أرضا سلاح

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق