اخبار الإقتصاد السوداني - متطلبات الرخاء الاقتصادي .. بقلم: د. عمر محجوب الحسين

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
قال الفيلسوف الالماني جورج هيجل " إن كل ما نتعلمه من التاريخ هو اننا لا نتعلم منه شيئاً"؛ والسودان من خلال تاريخه الطويل منذ الاستقلال لم يتعلم فيه من هم في السلطة السابقون واللاحقون أي شيئا من دروس الفعل والتاريخ الاقتصادي بحسب التجربة الاقتصادية السودانية المشوهة، تتغير السياسات والحكومات والتدهور مستمر دون توقف، وخلال هذه الفترة الطويلة لم يتعلموا أن الدافعية وروح الانتاج والابداع تتأثر أول ما تتأثر بالإجراءات الحكومية البيروقراطية، الضرائب، الرسوم والجبايات التي لا منتهى لها؛ واشارت كثير من الدراسات الى ان العقبة الكبرى امام النمو الاقتصادي نظام الضرائب والرسوم، لأنها تزيد من تكلفة الاعمال التجارية مما يعيقها خاصة في مجال الصناعة والانتاج الزراعي لأنها تفقدها القدرة على المنافسة في ظل اسواق مفتوحة؛ والفهم العام للسلطات دائماً هو ان الضرائب والرسوم احد مواردها الرئيسة للإيرادات في ظل توفر موارد لم يحسن استغلالها، وهي بهذه الأهمية لا يمكن التخلي عن جزء منها في سبيل تطوير ودعم الانتاج الصناعي والزراعي وجعله اكثر قدرة على المنافسة محلياً كخطوة اولى ثم انطلاق نحو العالم بعد تغطية السوق المحلى، والانطلاق نحو الاسواق الدولية سوف يؤثر ايجاباً على الجودة والابتكار ويدفع انتاجنا نحو الافضل وبالتالي زيادة دوران عجلة الانتاج وخفض البطالة وزيادة دخل الاسر، وزيادة حصيلة الضرائب من منظومة الانتاج الكمي وحجمه وزيادة دخل الافراد؛ ومعروف اقتصادياً تجربة الولايات المتحدة الامريكية في خفض الضرائب في عهد كالفن كوليدج 1924م الذى ادار سياسة اقتصاد عدم التدخل، وجون كيندى 1964م، ورولاند ريجان 1981م، حيث توقف تراجع القوى العاملة في المجال الصناعي وخلال هذه الفترات زادت الحصيلة الضريبية لذلك سميت فترة كالفن كوليدج (العشرينيات الهادرة)، وسميت فترة كيندي (الستينيات المزدهرة)، بينما سميت فترة ريجان (الثمانينيات المغامرة)، وهذا مؤشر يقود الى حقيقة مهمة وهى ان خفض الضرائب والرسوم يقود الى الانتعاش الاقتصادي وزيادة نشاطه مما يحقق المزيد من الايرادات والعائدات للدولة. اذاً الاقتصاد الذى تعيقه الضرائب والرسوم والجبايات لن يحقق ما يكفي من العائدات للموازنة، ويعنى ذلك أن الضرائب الباهظة والرسوم لن تولد العائدات والعكس تماما نجدها في حالة انخفاضها تولد وتزيد العائدات في المدى الطويل، وفي الحوكمة الاقتصادية نجد أن ازدهار المجتمعات وتقدمها اقتصادياً تتضافر فيه مجموعة من التفاعلات الاقتصادية، حيث أن حصول الانسان على احتياجاته الاساسية التي تبقيه في حالة استقرار تتصاعد طموحاته بصورة مصاحبة وربما مماثلة. أن المواطن من خلال سعيه لتحقيق المكاسب المادية يتجه عند حصولها الى الادخار وبالتالي يتراكم لديه رأس المال الذى يستغله في شراء السلع، وهذه المدخرات ايضاً تولد الاستثمار الرأسمالي بإيداعها في الجهاز المصرفي لأغراض الحصول على عائد من استثمارها؛ وتوجهها البنوك نحو الاستثمار في التكنولوجيا التي تعزز العملية الانتاجية اتي تحقق قدم المجتمع وازدهاره، من جانب آخر فان المجتمع يصبح لدية القدرة والفهم نحو تحويل المدخرات الى أنشطة فكرية وثقافية تحقق التقدم العلمي والادبي والابداعي والفني وهى اهم لبنات التقدم الحضاري، وهذه نقطة مهمة وهى ان الثروة وتراكمها تمكن المجتمع من تمويل الملكية الفكرية وتنميها وتمول انشطة العملية التعليمية في مؤسسات التعليم.
ايضا الضرائب الباهظة وضعف وتعقيدات الاسس التنظيمية، تجعل المواطن يهرب الى الوظيفة ذات الدخل المحدود أي مزيداً من الضغط على المصروفات الجارية والايرادات. كما انه عند انتشار الفساد المالي والسيطرة على الموارد من اطراف معينة تتضاءل الدافعية نحو الانتاج بسبب الاختلال في الصورة العامة للعملية الانتاجية، فهناك من يعملون بجد وآخرون يحصلون على المال دون عمل ودون وجه حق. كما أن المصروفات البيروقراطية لتمويل القطاعات غير المنتجة تفسد منظومة وديناميكية المشروعات المنتجة التي تولد الارباح وفرص العمل. وعلينا أن نذكر هنا نجاح الصين والهند اللتان يتضاعف معدل نموهما الاقتصادي من خلال خفض الضرائب وإلغاء القيود المفروضة على الصناعة، من جاب آخر علينا الدقة في توصيف المشكلة الاقتصادية المعقدة من نواح كثيرة تمثل في تراجع الانتاج، التضخم، السيولة، فقدان الثقة في النظام المصرفي، التعثر المصرفي، زيادة الانفاق؛ كذلك علينا عند توصيف المشكلة الابتعاد عن الافكار والفرضيات المسبقة، والابتعاد عن إثارة الرأي العام بشأن سياسة معينة هي السبب الرئيس للمشكلة بهدف تحقيق مكاسب سياسية من خلال توصيف الازمة الاقتصادية من الناحية السياسية فقط. وعلى متخذي القرارات وواضعي السياسات التوازن عند صياغة الحلول دون الانحياز الى عقيدة اقتصادية معينة على اساس انها طوق النجاة؛ فلا نظرية اقتصادية معينة تعتبر نموذجاً، فلكل بلد وزمان ظروفه الخاصة وعلم الاقتصاد نظريات؛ وكثير من المشاكل الاقتصادية هي في عمق العملية الديمقراطية حيث يتم تعزيز المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتوليدها باستمرار بالتعصب السياسي وعلو كعب السياسة على الاقتصاد؛ وتصميم التنمية الاقتصادية عملية سياسية وليست فعلاً اقتصادياً؛ وفي الديمقراطية نجد أن العملية السياسية تعصف بها اختلافات غير صحية والتي هي خلاف دون اختلاف، خاصة ونحن مقبلون على مرحلة تكون فيها الاقوال مبتذلة، والفلسفة، والسياسة وعلم السياسة والانجاز والشعارات، لذلك تبقى دائما كما تعلمنا من الديمقراطيات السابقة ونتيجة للتفكير السطحي أن المشاكل الاقتصادية الهيكلية التي تواجه الاقتصاد السوداني تبقى بعيدة عن فهم وادارك الساسة، ونحن نحتاج للصين ليس في استخراج البترول ولكن في مجال الانتاج الصناعي، ونحتاج الى جنوب شرق آسيا في نظم تعليمها وتدريبها المهني وتميزه، وعندها لن يكون هو المتحكم في اقتصادنا لكن سوف نتحكم نحن في الدولار.
ان التدخل الحكومي المفرط من خلال الضرائب والرسوم أو البيروقراطية التنظيمية مؤثر وعامل مهم في عرقلة النشاط الانتاجي وحجمه، لذلك من الضروري تقييد هذا التدخل والحد منه سياسياً واقتصادياً حيث أن عدم القدرة على المنافسة وهروب راس المال المحلى هي عوامل بارزة في التراجع الاقتصادي المستمر.
الانتباهة : 24/04/2019
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق