اخبار الإقتصاد السوداني - ليست مسألة خبز ووقود .. بل مصير وكرامة! .. بقلم: د. مرتضى الغالي

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
لقد آن أن تُطوى الصفحة.. فحالة الوطن مع المؤتمر الوطني وحكومته لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه..فقد أصبح الأمر من الوضوح بحيث لا تتعارك حوله عنزان، بل أضحى حال في ظل هذا الكابوس مثار دهشة (وربما سخرية) أهل الإقليم والعالم! فكم أحرجتنا الأحاديث والتقارير والبيانات والتحليلات التي تعدد موارد السودان ومواطن ثروته وثرائه، مقابل انحداره في منحنى الأزمات المعيشية وضخامة المديونية وتراجع الصادرات وتعاظم الواردات و(ذوبان القروض) وانهيار حياة مواطنيه تحت خطوط الفقر.. دعك من تدنى كفاءة وأخلاقيات الذين يتسيدون الساحة السياسية والاقتصادية والثقافية وينطقون بالجهل، ودعك ممن يتحدثون باسم السودان في المحافل الخارجية فيضرب العالم كفاً بكف وهو يقول بلسان الحال: ماذا حدث في السودان؟ وهل هؤلاء هم قادته وخلاصة أبنائه؟! ودعك من الذين ينشرون جهلهم على القنوات الفضائية العالمية ويجعلون من أنفسهم مسخرة العصر وأضحوكة الدنيا..فقد كان العالم يعرف السودانيين بالرجاحة والفضل والأهلية والحصافة..وزد على ذلك ما يقع في السودان من انتهاكات تصطك لها المسامع ومن اعتداءات جسيمة على كرامة المواطنين وحقوقهم بل سلب أرواحهم وبأسوأ ما يمكن من وحشية وخسّة مما لا يصح أن يرويه راوٍ أو يجري به لسان..! هم يعلمون إن القضية من بدايتها خرجت من كونها أزمة (اقتصاد ومعيشة وخبز) إلى أزمة (وجود ومصير وحياة وكرامة)؛ فهل سمع الناس على اختلاف مواقع المحتجين من يتحدث عن الرغيف أو الوقود أو النقود؟ ومع هذا تنشط (المكابرة) ويقولون للناس خداعاً: إن شاء الله بعد شهر تتحسن الأحوال! وكأن من بيدهم إدارة اقتصاد البلد وسياسته وبسلطة مطلقة، قد تولوا زمام أمره بالأمس وليس قبل ثلاثين عاماً.. فلا يماري أحد في أنه لم يجد الوقت لإصلاح الحال؛ وليت القضية كانت أزمة في الاقتصاد إذن لهان الأمر؛ ولكنها أزمة سياسية مستحكمة طوال ثلاثين عاماُ، وهم يريدون ألا يتحدث الناس إلا عن الأزمة الاقتصادية؛ وهل الاقتصاد إلا سياسة؟! إذا كان الاقتصاد ليس سياسة فلماذا الكلام عن الحصار الاقتصادي؟ ولماذا قال رجل الإنقاذ الذي سُرقت من بيته تشكيلة من (العملات الصعبة) إن على المحتجين أن يتوجهوا للسفارة الأمريكية لأن الأمريكان هم سبب فقر السودان!!
وحتى إذا تركنا أمر السياسة وانتهاء صلاحية النظام وقلنا إن المشكلة في الاقتصاد فهل بلغ الأمر بالمؤتمر الوطني وحكومته أن يكون متحدثها في الاقتصاد هذا الشخص الذي تم تنصيبه على رئاسة البرلمان ثم على رئاسة قطاع الفكر والثقافة وهو يبشّر المواطنين بأن المطابع دارت وسوف تطبع العملة إلى ما شاء الله (ربربربرب) فهل يمكن أن يدار الاقتصاد دعك من السياسة بهذه (الربربة) وبطباعة رزم العملة وتصوير ذلك في التلفزيون في جولة للوزير الأول وبرفقته محافظ البنك المركزي وهما يبتسمان ربما (انبساطاً) من هذا الانجاز الاقتصادي غير المسبوق! ولا شك إن محافظ المركزي هو أول من يعلم بأن طباعة العملة (ربربرب) لا تعنى أكثر من زيادة معدلات التضخم بذات الدرجة من (الربربة) ومعناه زيادة الأسعار بمعدلات تفوق الحالية بدرجات عالية؛ فإذا كانت مجرد طباعة رزمات من العملة تحل أزمات الاقتصاد المُستحكمة، فلماذا وقد أصلحت الحكومة مطابعها - والورق موجود- لا يتم طباعة كميات أكبر تزيد على حجم أوراق وتتخلص من الأزمة بضربة واحدة؟!..هل القصد من طباعة النقود مجرد اختفاء الصفوف والسماح للناس بسحب نقودهم؟..وهل هذا إجراء سياسي أم اقتصادي؟ وهل يؤمن محافظ بنك السودان فعلاً بأن الحل في طباعة أوراق النقود؛ أم أنه (يجامل الحكومة) ويشترك في خديعة الناس بأن الاقتصاد سوف ينتعش بطباعة المزيد من الأوراق الملونة التي تسبح فيها الأسماك؟!
من أسوأ المآلات ألا يقدّم خبراء الاقتصاد النصح الحقيقي لمن يقومون باستخدامهم من باب الخبرة أو الموالاة حتى (يستحلوا رواتبهم) ولن نتكلم عن واجب الإخلاص في العمل من أجل الوطن والمواطنين! ألا يعلم محافظ المركزي ما يجري من تلاعب بمقدرات الاقتصاد وألا يرى (الثقوب السوداء) التي تبتلع عائد موارد البلاد طوال السنوات الماضية..ألا يشاهد ما يجري من مضاربات في العملة واختلالات في قروض المصارف وضماناتها؟..وما دام الحديث عن البنوك والاقتصاد فما أبلغ عبارة رجل الأعمال الأمريكي وارين بافيت التي يقول فيها (عندما ينحسر المد سوف نكتشف من كان يسبح عارياً)..!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق