اخبار الإقتصاد السوداني - أثر وخطورة الدين العام على الاقتصاد .. بقلم: د. عمر محجوب محمد الحسين

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
الدين العام هو حجم ديون الدولة المستحقة للمقرضين الداخليين والخارجيين الواجب سدادها، والدين الخارجي يتمثل في المبالغ المستحق لصالح الحكومات أو المؤسسات الدولية والقطاع الخاص الخارجي. ولأسعار فائدة هذه القروض تأثير كبير على الديون الخارجية والدين الخاص. فإذا ارتفعت أسعار الفائدة على الدين العام ارتفعت اسعار الفائدة بدورها على الدين الخاص، وبالتالي على مجمل الوضع الاقتصادي لأي دولة. لذلك تسعى المنظمات المانحة الى جعل ديون الحكومات في نطاق معقول؛ ويتم قياس درجة المخاطر في اي اقتصاد من خلال مقارنة الدين العام منسوبا الى الناتج المحلي الاجمالي، لذلك نجد ان الناتج المحلي الإجمالي يعتبر مؤشراً مهماً لمدى قوة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الصدمات، ومدى قدرة الدولة على سداد ديونها؛ ومؤشراً لوضعها وتصنيفها الائتماني. ويعتبر الدين العام المحلى والخارجي خطيراً بالنسبة الى الدول النامية اذا تخطى الحد الادنى المسموح به، وحد الامان المسموح به في حدود 60 في المائة بالنسبة للدول النامية؛ و90 في المائة للدول المتقدمة؛ ايضا يمكن قياس المخاطر بمقارنة معدل نمو الناتج المحلى ومعدل نمو الدين العام؛ ووضع الأمان يكون بتساوي المعدلين. في الدين الخارجي يبلغ 54.8 مليار دولار في عام 2017م وتخطى المؤشرات الارشادية ووصل الى ما نسبته 166في المائة من إجمالي الناتج المحلى؛ متأخر منها عن السداد ما نسبة 85 في المائة؛ ويبلغ حجم الدين العام حوالى 116 في المائة من إجمالي الناتج المحلى أي زيادة عن الحد المسموح به بحوالي 56 في المائة، علماً بأن فوائد هذه الديون تبلغ 49 في المائة من اصل الدين. وحجم هذا الدين العام لاشك احد اهم المؤثرات على الحالة الاقتصادية المتردية في السودان؛ حيث أثر على الوضع الائتماني للسودان الذى تصنفه أهم ثلاثة وكالات عالمية للتصنيف الائتماني عند مستوى (CCC) ويعني هذا المستوى احتمال عالٍ لعدم السداد(مخاطرة عالية جدا). وتنبع أهمية هذا التصنيف الذى يصدر عن هذه الوكالات في أنه يؤثر بشكل مباشر على القدرة في الحصول على القروض من المؤسسات الدولية والمقرضين، وعلى البنوك والمؤسسات المالية المحلية سواء لأغراض الاسواق المحلية أو الدولية، فكلما ارتفع التصنيف الائتماني قلت مخاطر عدم السداد، واذا انخفض التصنيف زادت مخاطر السداد. أيضا التصنيف الائتماني للشركات داخل بورصات العالمية يكمن في تأثيره المباشرة على سعر اسهم تلك الشركات وبالتالي وضعها المالي حيث ان المستثمرين يحجمون عن شراء اسهم الشركة اذا انخفض تصنيفها الائتماني، والعكس صحيح.
من ناحية اخرى نجد ان خدمة الديون سيحول النفقات العامة من القطاعات الاجتماعية للصحة والتعليم، وربما من الاستثمار العام. لذلك نجد ان تأثير الديون له آثار سالبة على القطاع الاجتماعي وبشكل قوي ومباشر خاصة وان هذا القطاع يمثل أكبر استجابة للناحية المالية بين جميع المتغيرات التفسيرية الأخرى لقياس المساعدات الخارجية، ويأتي ذلك بسبب تخلى الحكومة عن دورها في القطاع العام وتبنى احدى منظومات العولمة المتمثلة في الخصخصة؛ وتخلى الدولة عن القطاع العام لاشك انه تخلى عن مهمتها الاجتماعية، ومن أهم الآثار الاجتماعية للدين الخارجي تحديداً هو أثره على سوق العمل والتشغيل على اعتبار أن الكسب من العمل يمثل المصدر الرئيسي لدخل غالبية افراد المجتمع؛ وأن حرمانها من هذا الدخل ينتج عنه زيادة البطالة بأنواعها وظهر هذا جليا بعد بيع مؤسسات القطاع العام وتصفيتها، وتبع ذلك تفاقم حدة الفقر؛ أيضا احدث ذلك المزيد من الاختلالات في توزيع الدخل واتساع الهوة بين طبقات المجتمع التي احدثتها الهرولة الى الخصخصة والفساد المالي والمؤسسي.
ولا تعكس الزيادة في الدين العام وحجمه فقط زيادة الاقتراض؛ لكن ايضاً تعتبر مؤشراً واضحاً على تباطؤ الانتاج نتيجة لتطبيق سياسات انكماشية تتضمنها برامج المؤسسات الدولية الدائنة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس ونادي لندن؛ خاصة في المراحل الأولى لهذه الديون, مما ادى إلى خفض الطلب المحلي وزاد من حدة الركود الاقتصادي الذي ادي بدوره إلى تراجع الطلب على العمل تبعه اتجاه تصاعدي للبطالة. واصبحت خدمة الدين تلتهم جزءاً مقدراً من حصيلة الصادرات من السلع والخدمات وهذا يفسر عجز الموازنة المفرط والمتصاعد. ولا شك أن هذا الوضع شكل مكابح لخطط التنمية المستقبلية، نظرا لابتلاع خدمة الدين الخارجي النقد الأجنبي. ويمكن تشخيص آثار المديونية الخارجية على الخطط الإنمائية من خلال تحليل آثارها على الادخار المحلي والقدرة الاستيرادية، وعلى سعر صرف الجنيه وتدهوره المستمر وبصورة كبيره من حيث الزمن والقيمة، ومعدلات التضخم التي وصلت الى 64 في المائة، وهناك استحالة وشك كبير في قدرة الحكومة وفي ظل سياساتها على خفضه الى 27 في المائة كأحد أهداف موازنة 2019م.
ايضا اعتماد السودان على القروض الخارجية أدى إلى تزايد معدلات التضخم الكبيرة, لما تشكله هذه القروض والمديونية المترتبة وخدمة هذه الديون من ضغط على القدرة التنافسية لصادرات السودان، وادي تخفيض قيمة الجنيه نتيجة للاستجابة لضغوط الدائنين إلى تدهور القيم الحقيقية للمدخرات مما اضطر العديد من الشركات إلى إيداع أموالها خارج السودان واتجاه المواطنين نحو تحويل اموالهم الى خوفا من تآكلها وهذا لا شك شكل ضغطاً على طلب الدولار، ويعتبر هذا الوضع ايضا احد اسباب هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج، واحجام المستثمرين عن الاستثمار في السودان.
لا شك أن رؤوس الأموال الأجنبية إذا ما استغلت استغلالا اقتصاديا جيدا في مشاريع التنمية والصناعة سوف تؤدي إلى زيادة الناتج القومي وارتفاع مستويات الدخل وبالتالي ارتفاع معدلات الادخار وذلك نتيجة لسد النقص في الموارد المالية اللازمة لتمويل المشاريع الاستثمارية التنموية؛ اما اذا استغلت هذه الاموال في الاستهلاك والانفاق الجاري وسد عجز الموازنة والاستيراد غير المرشد فلن نجنى سوى مزيدا ً من العجز الاقتصادي والاضطراب السياسي.
الانتباهة : 29/01/2018
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق