اخبار السعودية - ذاكرة التاريخ تفتح بوابة أسرار مضيف ثليم.. 6 ركائز لنظامه و9 آثار اجتماعية

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

يستذكر الوطن في يومه، أهم الأحداث والتفاصيل التي خلّدها التاريخ، وكانت علامة فارقةً في حياة المؤسس “الملك عبدالعزيز” -طيّب الله ثراه-، ولعل من أبرز تلك الأماكن الشهيرة في عهده “مضيف ثليم” الذي كان بمثابة نُزُل ضيافة للمسافرين من كل مناطق المملكة الراغبين في لقاء “المؤسس” للسلام عليه والسماع لهم وقضاء حوائجهم، بل وحظي بزيارة وفود وعدد كبير من الرحالين والمبعوثين العرب والأجانب. ويعد “مضيف ثليم” أحد أهم الأماكن التاريخية الشهيرة في حياة “المؤسس”، وسلّط الضوء عليه بشكلٍ تفصيلي الدكتور “ناصر بن محمد الجهيمي”، في كتابٍ علميٍ نشرته “دارة الملك عبدالعزيز”، باعتباره مصدرًا تاريخيًا يفتح أسراره ويكشف كيف نشأ المضيف في عهد “المؤسس”، وكيف كانت طبيعة ركائزه وآثاره الاجتماعية الكبيرة. وكان “مضيف ثليم” بمنزلة نزل ضيافة ووزارة خدمات عامة يعملان بطاقتيهما الكاملتين طوال العام، ويمثل مرحلة انتقال من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث؛ إذ كان محطة رئيسة على مشارف مدينة للمسافرين من أهالي مدن المملكة وقراها وقبائلها من حاضرة وبادية اللذين يفدون للقاء الملك عبدالعزيز وقضاء حوائجهم؛ ولذلك كان مضيف ثليم مرحلة تاريخية تستحق التوقف.

مضيف ثليم

ويعد “قصر ثليم” ثاني قصر من قصور الضيافة التي أمر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بتأسيسها بعد قصر الديرة، ويعود في أصله إلى مزرعة تُسمى “ثليم” اشتراها الملك عبدالعزيز عام 1355 هجريًا، وأوقفها لوالده الإمام “عبدالرحمن بن فيصل بن تركي” لكونها محطة للمسافرين قبل دخول الرياض، حيث يشربون من بئرها ويسقون أغنامهم وإبلهم من مائها.

الموقع والدور

في عام 1359 هجريًا، رأى الملك عبد العزيز إنشاء مضيف يتسع للقاصدين للرياض؛ ويتضمن نزلاً ومطابخ، وكلّف “حمد بن قباع” ببناء نظيف في وقف والده بمزرعة ثليم ليستقبل الضيوف القادمين للرياض، ويكون كذلك مطعمًا للعامة من السكان، وامتدت خدماته لتشمل إطعام السجناء وطلبة العلم، ولا يزال هذا المضيف يؤدي دور السكن والضيافة وموضعه بين طريقي “الملك سعود– البطحاء”، والملك فيصل الوزير على شارع داخلي يربط بينهما، وهو الشارع الذي سمي باسم القصر، وهو شارع قصر ثليم.

مساحة مبناه

مساحة القصر الذي خصّص ليكون مضيفًا 5971 مترًا مربعًا، ويتكون من طابقين، ويحوي عددًا كبيرًا من الغرف يزيد على 50 غرفة، وعددًا من المطابخ.

وصفه قديمًا

وشيّد المبنى على الطريقة التقليدية في نجد، وبني بالطين وعلى أسس الحجر وأعمدة من الحجارة مثبتة بالجسم، وتستند سقوفه إلى خشب من شجر الأثر وجريد النخل، وبه زخارف يسيرة من الجبس تزين حوائطه ومداخله ومصابيحه الداخلية وزخارف خشبية في النوافذ والأبواب. ويتكون القصر من طابقين، يضم الأرضي عددًا من الغرف للخدمة والإدارة والحراسة والمخازن والمطابخ، بينما في الطابق الأول غرف للضيافة وللقصر فناء واسع تطل عليه جميع الغرف.

بعد التطوير

وكان هذا المضيف مبنيًا بناءً تقليديًا بالطوب اللبن ثم جرى تطويره في عهد الملك سعود، حيث بُني طابقاه بالخرسانة المسلحة؛ وأصبح يحتوي على 21 شقة وخمسة مطابخ وواحد رئيس و24 دورة مياه، كما أن له خمسة مناور ومساحة وسط المبنى 2122 مترًا مربعًا، وله بوابة رسمية من الجهة الشمالية.

نظام الضيافة

ويتضح من مطالعة ما ورد من نصوص عن الضيافة أنها لم تكن تجري بطريقة عشوائية؛ ولكن لها نظام متفق عليه تمثّل في “تسجيل أسماء النازلين في المضيف، وتسلّم ما يسمى بالضيافة؛ وهي قهوة وهيل وطحين وسكر ومعها حطب لكل قادم إلى مضيف ثليم، وتناول الغداء والعشاء، وتلبية طلبات الوفود المختلفة في آخر يوم ضيافة، وهو اليوم الثالث”.

الأثر الاجتماعي

كان لـ”مضيف ثليم” أثر اجتماعي بارز يثبّته جليًا ذيوع صيت هذا المضيف وكثافة الوافدين إليه، ولعل أهم الأدوار التي قام بها المضيف في تلك الفترة الرعاية الكاملة لضيوف الملك عبدالعزيز الذي كان الهدف الأساس أو رفع شكاية أو مظلمة أو طلب مساعدة أو طلب علاج وتأمين السكن والإعاشة ببرنامج يومي يشرف عليه الثقات من رجال الملك عبد العزيز. بالإضافة إلى إطعام طلاب العلم والضعفاء من النساء والأرامل والأطفال واليتامى والمواطنين الفقراء في الأزمات والحروب والسجناء ورعاية المعاقين، علاوة على كسب الولاء وتوثيق عرى الوحدة الوطنية، والتوعية في ظل ضعف إمكانات وسائل الإعلام في تلك الفترة.

الأثر الاقتصادي

وكان يُقدّم إلى “مضيف ثليم” الخدمات الأساسية للمحتاجين من طعام وشراب ومأوى وعلاج للمرضى وعطاءات مالية، وأنشئ إثره المزارع لزراعة الأعلاف لمساعدة الرعاة وإطعام ماشيتهم، وحقّق المضيف هدف الملك عبدالعزيز في إنشاء مجتمع حضاري محيط؛ حيث أنشئت المدارس والفنادق وعبّدت الطرق وسهّلت التقنيات الحديثة من الهاتف والبرقيات لاتصال الناس وتواصلهم ووصول المعلومات إليهم؛ وهو ما ساعد المجتمع على تحقيق تحوّل ناجح ومميز لمجتمع متحضر بوحدة وطنية عالية.

المصروفات

وتبيّن إحصاءات المصروفات في قصر ثليم حجم الإنفاق على الإطعام اليومي الذي لم يكن له مقدار ثابت، وبالنظر إلى المصادر والوثائق نجد أن متوسط عدد الوافدين على المضيف عشرات الآلاف يوميًا تقدّم لهم يوميًا 50 قلّة تمر، ومن السمن 35 تنكة (صفيحة)، ومن الوقود الحطب حمولة شاحنتين، ويقدم الأكل على وجبتين صباحًا ومساءً.

ذاكرة الرواة والرحالين والمبعوثين

يُذكر خالد بن مجبل الحجر وعبدالرحمن العزبي، أنه مع بدايات توحيد المملكة وانعدام البنية الاقتصادية للبلاد؛ فتح الملك عبدالعزيز باب الهبات للمواطنين تقديرًا ووفاءً وحبًا لهم وطمعًا في تحسين مستوى دخلهم، وذلك عن طريق ما يُعرف بـ”الشرهات” التي تُصرف في موعد سنوي محدّد عادة ما يكون بداية كل سنة جديدة والمواسم؛ ويكون أغلب أهل الشرهات قد استعدوا أو انطلقوا إلى العاصمة في موعد مبكر في قوافل جماعية تسمى “مراكب ابن سعود” لاستلام الشرهة، وتتحول ساحة ثليم إلى ملتقى يموج بالبشر لا يتكرر في الجزيرة العربية. ومن رواية “عبدالعزيز محمد الأحيدب” في كتابه من حياة الملك عبد العزيز أنه عندما كان منضما إلى سلك شرطة الرياض عام 1362 هجريًا، ونقل رئيسًا لمركز قصر ثليم للمحافظة، فَلفَتَ نظره كثرة ما يدخله من رجال البادية ونسائهم، وكان فناء القصر واسعًا، وهو قسمان، قسم الرجال وطريقه الباب الرسمي، وقسم للنساء وبابه في جهة أخرى، فالرجال يتناولون وجبتي الطعام الغداء والعشاء داخل المضيف، والنساء يحملن طعامهن إلى بيوتهن وهكذا. وفي عهد الملك عبدالعزيز حظيت الرياض بزيارة عدد كبير من الرحالين والمبعوثين العرب والأجانب، ولم تخل رحلاتهم من الإشارة إلى نظام الضيافة وقصورها في عهد الملك عبدالعزيز، كما كان للذاكرة الشعبية أثر بارز في رصد الأحداث وتسجيلها؛ باعتبارها شاهدة عليها وتدور الأحداث بحضورها وتتوارثها الأجيال المتتابعة؛ وما كان للشعر أن يُدير ظهره لتلك المأدبة التي مدّها الملك عبدالعزيز لتعم المملكة على امتدادها دون أن يرصد أثرها وتأثيرها.

المصدر: سبق.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مزمز ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مزمز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق