اخر اخبار لبنان : عائقان أمام الانتفاضة اللبنانية: المصارف و«حزب الله»

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

كتب حسام عيتاني في صحيفة الشرق الأوسط:

يرتفع أمام انتفاضة اللبنانيين عائقان عاليان يحولان حتى اليوم دون تحقيق الانتفاضة أهدافها؛ بل دون تحولها إلى قوة تغيير ملموس، ويهددان باضمحلالها وإحباط آمال المنتفضين في الخروج من دائرة الفساد وانهيار المجتمع الجهنمية. هذان العائقان هما الكتلة المصرفية و«حزب الله».

ولئن تراكبت دينامية التعطيل والثورة المضادة عند هذين المكوّنين، إلا إن لكل منهما استراتيجيته في إفشال الانتفاضة وحصارها. تسير الكتلة المصرفية في مسار التجاهل والتعنت والامتناع عن تقديم أي تنازل تشتم منه رائحة التجاوب ليس مع مطالب الشارع فقط بل أيضاً مع المطالب البديهية التي قدمها حاكم «مصرف » رياض سلامة المنخرط في تعظيم نفوذ المصرفيين منذ عقود. إنها استراتيجية الخمول وتعمد التبلد في انتظار أن تخبو جذوة الغضب وأن تتمكن الجماعة السياسية الحاكمة من تسوّل بعض المساعدات من «محسنين» مجهولين.

في المقابل، يتبنى «حزب الله» استراتيجية حيوية تتمثل في التهديد بعنف ضار على الصنف الذي أظهره حلفاؤه في التصدي لثورة العراقيين وفي قمع انتفاضة الإيرانيين. التلويح بالقوة العارية وبالنزول إلى الشارع، والتوجه إلى الخصوم بتهديدات تصل إلى «التقطيع من خلاف» والصلب، واستضعاف أفراد من خلال التوجه إليهم فيما المقصود هو الجموع التي ينتمي هؤلاء الأفراد؛ سياسياً إليها، تصب في نهاية المطاف في مسعى إنهاء الانتفاضة واستئناف المسار السابق عليها بكل ما فيه من تجاهل للحقيقة التي باتت واضحة وهي أن النموذج اللبناني الاقتصادي – السياسي الذي نشأ مع تأسيس «لبنان الكبير» قبل مائة سنة، قد توقف عن العمل وأصيب بعطب نهائي، غير قابل للإصلاح من دون تغيير جذري وهيكلي.

تنجدل هاتان المقاربتان المعطلتان، بالخمول المصرفي والتهديد المسلح، لتشكلا حبل المشنقة التي تخنق انتفاضة اللبنانيين. فالمصارف باسترهانها المواطنين من خلال منعهم من استخدام أموالهم المودعة لديها، تضيف عبئاً ساحقاً على هموم الحياة اليومية لأكثرية اللبنانيين وترغمهم على الانصراف إلى تسيير أمورهم الآنية وسط حالة من القلق والتوجس من المستقبل. وليس بدعاً أن المصارف التي يشكل السياسيون أكثر من أربعين في المائة من مجالس إداراتها وأصحابها، لا تريد مجرد الاستماع إلى الخطط الإنقاذية التي أعدها بعض من أكفأ الخبراء الاقتصاديين والتي تلتقي جميعها، وبغض النظر عن المدارس الاقتصادية التي صدرت عنها، على ضرورة دفع المصارف الجزء الأكبر من ثمن الأزمة التي تسببت فيها ممارسات مصرفية غير مسؤولة ورعناء حرّكها جشع وقصر نظر أسطوريان. ترفض المصارف كل مقاربة تدعوها إلى أن تكون ما كانت تزعمه طوال الفترة السابقة، أي العمود الذي يحمل الاقتصاد الوطني برمته، وتفضل أداء دور المرابي الذي لا مانع لديه من رؤية الدماء تغطي أرصفة الشوارع بدل أن يساهم ولو بالنزر اليسير في منع الكارثة الواقعة.

ينضم إلى هذا المشهد الكئيب «حزب الله» الذي يزود جمهوره بعدد لا يحصى من نظريات المؤامرة وتهم التخوين والعمالة لكل من يجرؤ على الدعوة إلى تغيير سلوك الجماعة الحاكمة بذريعة أن كل تغيير، مهما كان بسيطاً وعادلاً ليس أكثر من مقدمة للقضاء على المقاومة خدمة للمشروع الأميركي – الصهيوني المناهض لمحور المقاومة الممتد من طهران إلى شواطئ لبنان. وليست كبيرة الأهمية الأدوات التي يلجأ الحزب ومؤيدوه إليها لتحقيق هذه الغاية، ذاك أن الدفاع عن المقاومة، ولو جرى عبر مع أكثر السياسيين فساداً، يظل هدفاً أسمى ترخص في سبيله أرواح وكرامات اللبنانيين، بعدما أصبح لبنان مطالباً بحماية «حزب الله» وسلاحه، على عكس الخرافة التي روّج الحزب لها منذ تأسيسه عن أنه يتحمل وزر الدفاع عن الوطن؛ حسنةً منه ولوجه الله.
ويبدو لقاء المصارف والمقاومة لقاءً غريباً بين جناحين من أجنحة «القطاع الخاص» ازدهرا على حساب الدولة والمجتمع اللبنانيين. فانقلاب القطاع المصرفي إلى القطاع الوحيد المربح والمستقبل للاستثمارات في العقدين الماضيين بعد إخفاق تجربة إعادة البناء بعد الحرب الأهلية، حمّل اللبنانيين أعباء ديون وفوائد باتت من الأعلى في العالم؛ إذ تبلغ 150 في المائة من حجم الاقتصاد، فيما تقدم المصارف عوائد خيالية لكبار المودعين الذين يشكل السياسيون نسبة وازنة منهم.

من جهة ثانية، تكشف فكرة «خصخصة» الدفاع عن البلاد بإسنادها إلى حزب أهلي مسلح، وتخلي الدولة عن اضطلاعها بمهمة أساسية لها لمصلحة «قطاع خاص مسلح»، عن عواقبها الكارثية في تفكيك الإجماع الوطني حول فكرة الدولة ذاتها والقضاء على محاولات الانتقال من عالم الرعايا والأتباع إلى عالم الشعب المدرك لمصالحه والعامل على تحقيقها وتحصينها.
إنه تحالف فريد لقطاع خاص، ممول ومسلح يحمل هدفاً واحداً: قتل حلم المنتفضين اللبنانيين بوطن أفضل.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نافذة لبنان ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نافذة لبنان ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق