اخر اخبار لبنان : سناء مازح تتحدّى “Paul” لسنا مكسر عصا

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

كتبت ساندي الحايك في “نداء الوطن”:

 

على الجانب الأيسر من أحد المقاهي الأكثر شهرةً في الجمّيزة، تقف وحيدة. لا تنبس ببنت شفةٍ. عيناها تنطقان بالكثير عوضاً من لسانها.
من دون جلبةٍ، تضع حقيبتها المدرسية على ظهرها وتُثبّت لافتةً بين يديها كُتب عليها: “خصمولنا 40 في المئة من رواتبنا. قاطعوا Paul”. وقفتها الممتلئة بالثقة والحزم، بتعابير متأرجحة بين الغضب والأسى، لفتت أنظار كثيرين. معظم المارة اتجهوا نحوها لاستيضاح الأمر، فأجابتهم باختصار: “رح يخصمولنا من معاشاتنا بحجة الأوضاع بالبلد”. تداول ناشطون الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي وتداعوا إلى معها. شيئاً فشيئاً بدأ يزداد عدد المتجمهرين على بعد خطوات منها، في مقابل ازدياد الضغط على إدارة المقهى التي أوعزت إلى أحد المدراء التفاوض معها. وهي، سناء مازح، ابنة الـ 18 ربيعاً، طالبة في المرحلة الثانوية، أرغمها طلاق والديها على العمل لمساعدة أمها وأخواتها الثلاث في سبيل تأمين حياة كريمة.

سناء نموذج مُصغّر عن حال أبناء جيلها. شباب محكومون بنظام طبقي غير عادل، يتمدد ليُلقي القبض على حياتهم بمختلف مفاصلها كخيوط العنكبوت. تتكبد سناء ألوف الدولارات سنوياً ثمناً لتحصيلها العلمي، فهي طالبة في مدرسة خاصة، تُضطر لأن تدفع إلى جانب أقساطها الشهرية، ثمن الكتب والقرطاسية وباص النقل من وإلى المدرسة. خيار الانتقال إلى مدرسة حكومية غير وارد بالنسبة لها: “لا شيء في بلدنا يُشجع لحثنا الإقدام على هذه الخطوة، بل على العكس، كلّ أصدقائي التلامذة في المدارس الرسمية يصرخون بوجهي أثناء لقاءاتنا “لا تشكيلنا منبكيلك”. تعرف سناء جيداً واقع بلادها. تُدرك مكامن الخلل فيه، إذ يكاد لا يمر يوم من دون أن تصطدم ككل اللبنانيين بفاجعة جديدة. كل ذلك جعلها تُدرج السفر/الهجرة إلى الخارج على سُلم أولوياتها: “أريد أن أتخرج من المدرسة بمجموع جيد وأتقدم بطلب للحصول على منحة دراسية في الخارج. لكن الثورة بدّلت كل شيء. أنا الآن أسير نحو المجهول وقد تبدلت كل الخطط في رأسي، ولكنني على يقين أنني أملك فرصة البقاء هنا، لأنني أسعى إلى بناء وطن أفضل”.

على بعد أمتار من المكان الذي وقفت فيه سناء معتصمة نتيجة خصم نصف راتبها تقريباً (الزهيد أصلاً) في مقهى Paul حيث تعمل نادلة، وقفت أمها. لم تقترب من ابنتها، بل اكتفت بمراقبتها عن بعد. لم تهتم السيدة الخمسينية لحقيقة أن ابنتها ستصبح اليوم عاطلة من العمل. جلّ ما فعلته هو الاستمتاع بفخر مشاهدتها تعترض بجرأة على تجريدها من أهم ركائز الأمان الوظيفي وسلبها حقوقها البديهية. إن المرحلة المفصلية التي يمر بها تجعل كل شيء ثانوياً مقابل فضح كل الذين راكموا ثروات على حساب الفقراء وشقائهم. فجّرت سناء غضبها ولم ترضخ. حاول مدير الفرع ثنيها وعرض عليها عدم تنفيذ القرار بحقها وحدها، شرط الانسحاب من الشارع. لكنها رفضت مصممةً على تراجع الإدارة عن قرار الحسم من الرواتب الذي طاول جميع العاملين. هنا حان وقت العنف. تهجّم عليها عناصر من “الفاليه باركينغ” ومزقوا اللافتة التي رفعتها. أيضاً وأيضاً لم ترضخ. أعادت سناء كتابة الشعار نفسه لكن هذه المرة على سترة العمل الخاصة بها والتي طُبع عليها شعار المقهى.

ما هي إلا دقائق حتى تجمع مئات الشبان بالقرب منها. هتفوا ضد المقهى وضد إدارته وضد القرار التعسفي المُتخذ بحق العمال. ناصر هؤلاء قضية سناء وزملائها المُلزمين بالإنصياع لقرار الإدارة بسبب ضيق أحوال أسرهم. مدوهم بالأمل والدعم غير المشروط، وربما كان هذا المشهد من أفضل ما أنتجته الثورة حتى الآن.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نافذة لبنان ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نافذة لبنان ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق