اخبار اليمن الان | الرئيس علي ناصر : العقيد القذافي قال إن  قيادة الجنوب ماركسيون

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

إعداد / د. الخضر عبدالله :

ليبيا .. و عيد الجلاء

بعد حديث الرئيس علي ناصر  في العدد الماضي حول سقوط بغداد .. يحدثنا اليوم  عن العلاقات بين جمهورية الديمقراطية الشعبية والجماهيرية الليبية ، حيث قال مستدركا :" في 18 حزيران/يونيو 1970م كان عليّ أن أغادر وأتوجه إلى ليبيا لحضور احتفالات الشعب الليبي الشقيق بعيد الجلاء. كانت الدعوة موجهة في الأساس إلى رئيس مجلس الرئاسـة «سالم ربيع علي»، لكنه اعتذر عن عدم المشاركة بسبب وضعنا الداخلي، وكان الاتفاق على أن أقوم بالزيارة نيابة عنه.

وصلت إلى طرابلس من طريق القاهرة، وفي المطار استقبلني الرائد الخويلدي الحميدي، عضو مجلس قيادة الثورة، وممثل عن وزارة الخارجية والوحدة الليبية.

بعد وصولي إلى (الودان) الذي خصص لإقامتي، تبادلت مع الخويلدي الحميدي الحديث عن أسباب عدم مشـاركة «الرئيـس» شخصياً في الاحتفالات، وأخبرته بأنه مشغول باحتفالات (20 حزيران/يونيو) و(22 حزيران/يونيو) التي كانت وشيكة. وتوجهت إليه بطلب لتحديد موعد لمقابلة الأخ «معمر القذافي» قائد ثورة الفاتح الليبيـة.

يواصل الرئيس ناصر حديث وقال :"  طوال يوم 19 حزيران/يونيو لم أتمكن من مقابلة أي من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وفوق انشغال الليبيين في الإعداد للاحتفالات واستقبال الرؤساء والملوك العرب وبقية الوفود، كان لديهم انطباع سيئ عن النظام في عدن، وعمَّق هذا الإحساس عندهم عدم مجيء «الرئيس» للمشاركة في احتفالاتهم، غير أن كل ذلك لم يمنعني من طلب مقابلة أكبر عدد ممكن من المسؤولين الليبيين، وفي مقدمتهم «معمر القذافي».

توجهنا يوم 20 حزيران/يونيو حسب البرنامج إلى قاعدة «عقبة بن نافع» الجوية لمشاهدة الاستعراض العسكري الذي أقيم بالمناسبة.

في يوم 21 حزيران/يونيو تغير البرنامج فجأة بسبب عقد اجتماع طارئ لرؤساء وفود دول المواجهة العربية مع إسرائيل، وحضرته طبعاً وسـورية والأردن باعتبارها دول المواجهة المعنية، وحضرها من الوفود العربية الأخرى رؤساء وفود والجزائر وليبيا والسودان الذي عقد على مستوى الرؤساء.

لينين السبب في عداء

يوم 23 حزيران/يونيو أتيحت لي فرصة مقابلة عدد من رؤساء الوفود العربية، فقابلت الرئيس المصري «جمال عبد الناصر»، ورئيس المجلس الجمهوري «القاضي عبد الرحمن الإرياني»، رئيس الجمهورية العربية اليمنية، و«مأمون عوض أبو زيد» من ، والفريق أول «محمد فوزي»، وزير الحربية المصرية، والزعيم الليبي «معمر القذافي»، والرئيس السوري «نور الدين الأتاسي» الذي كان أول من قابلته.

تحدثنا عن العلاقات الثنائية بين سورية واليمن الجنوبية، وعن عدد من القضايا العربية والدولية المهمة. وشكرت له موقف بلاده من الثورة والنظام في بلادنا والدعم الذي قدمته سورية إلى بلادنا.

كان الرئيس السـوري صريحاً معي وهو يخبرني بأن الجو ملغوم بالنسبة إلى اليمن الجنوبية، وأن الطريق التي تسير فيها ستعزلها عن بقية الدول العربية… وأن الكل يركز عليها ويتهمها بالشيوعية!

وقال إن احتفالاتكم بالذكرى المئوية لميلاد «لينين» قد أضرت بكم، واستغلت ضدكم وأكدت لدى الآخرين ما يتهمونكم به! وسألني: أهذا ممكن؟ ألم يكن بإمكانكم أن تفعلوا ذلك بصمت وبلا ضجة إعلامية وتوزيع صور؟!

وكان يعبّر عن رأي كثير في بلادنا وفي الخارج، لأن بعض القادة في بلادنا آنذاك كانوا لا يهتمون كثيراً بالعلاقات ببعض الدول العربية والإسلامية التي كانت تناصبنا العداء، بل إن البعض كانوا يهتمون بالعلاقات مع الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية أكثر من هذه الدول، وكانت الهتافات في ذروتها تطالب بإسقاط الإمبريالية والصهيونية وتشيد بالاشتراكية غير مهتمين بما يجري حولهم في ذروة الحماسة الثورية.

عودة للحديث عن علاقاتنا الثنائية، فقد أخبرته بالخطوات التي اتخذناها لتطوير علاقات «الجبهة القومية» ببقية فصائل العمل الوطني لتعزيز الجبهة الداخلية. وعبّر لي عن ارتياحه لوجود «أنيس حسن يحيى» في السلطة، واستدرك بأن هذا لا يعني أن يجري التعامل بيننا وبينكم من خلال الرفاق البعثيين في عدن. وأكد المزيد من التعاون بين البلدين الشقيقين. ولم ينسَ أن يستفسرني عن وصول المساعدات السورية التي حصلنا عليها خلال زيارتي السابقة لبلاده، فأخبرته بوصولها وشكرته مرة أخرى لوقوف سورية الشقيقة إلى جانب الثورة والنظام في اليمن الجنوبية.

إنهم ماركسيون

واسترسل الرئيس علي ناصر قائلا :" قررت أن أستطلع الموقف الليبي قبل أن أقابل العقيد «معمر القذافي»، فسألت الرئيس الأتاسي، فأجاب: عند زيارة العقيد معمر القذافي دمشق في وقت سابق، قلت له إن الحكم في اليمن الجنوبية الشعبية حكم تقدمي يحتاج إلى مساعدتكم ومساندتكم لكن القذافي ردّ عليّ: إنهم «ماركسيون». تصور أنهم احتفلوا بميلاد لينين ولم يحتفلوا بميلاد الرسول محمد! كانت المعارضة قد سرّبت معلومات غير صحيحة عن الاحتفالات بالذكرى المئوية لميلاد لينين، وضخّموا ما جرى الذي لم يتعدّ احتفال الخبراء السوفيات بعدن مع بعض اليمنيين بهذه المناسبة.

ومرة أخرى نصحنا بضرورة التحرك السريع لتصفية الأجواء والعمل بمرونة مع الآخرين، ووافقته على ذلك. وشرحت له كل الأوضاع التي تحيط ببلادنا، وطلبت منه أن يساعدنا على إقناع الليبيين بتنفيذ وعدهم السابق لنا بتقديم معونة مالية وعينية في زيارة رئيس الوزراء محمد علي هيثم، فوعدني بذلك. وعلمت فيما بعد أن الرئيـس الأتاسي تحدث مع العقيد معمر القذافي في الموضوع.

مع القذافـي لأول مرة.

في مساء يوم 23 حزيران/يونيو حدد لي موعد اللقاء مع العقيد القذافي وعدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة الليبية. في مقر قيادة القوات المسلحة، ولكني لم أجد هناك سوى المقدم «أبو بكر يونس»، رئيس هيئة الأركان.

كان المقدم «أبو بكر يونس» رجلاً ودوداً ودمث الأخلاق، وقد أصبح صديقي فيما بعد وتوطدت صلاتي به وبالعديد من القادة الليبيين الشبان. وبعد أن لاحظ انزعاجي لغياب العقيد القذافي الذي جئت للقائه حسب الموعد، رحب بي بطريقة ودية. سررت بأن هذا العسكري يتمتع برقة وخصال دبلوماسية، وكنت سعيداً لأنني وجدت أخيراً من يمكنني الحديث والتفاهم معه. وهكذا دخلت في حديث مباشر معه، شرحت له أوضاعنا الراهنة الصعبة وحاجتنا الماسّة إلى دعم الجمهورية العربية الليبية لمواجهة الصعوبات التي تتعرض لها ثورتنا.

مع الرئيس معمر القذافي

كم كان سروري عظيماً عندما قال المقدم أبو بكر يونس: «سنجهز لكم غرفة عمليات متكاملة للمستشفى العسكري في عدن وسنحاول شـراء بعض الذخائر لكم من الجمهورية العربية المتحدة وإرسالها إليكم»، وأضاف: «إن قواتنا المسلحة هي الآن في طور البناء، وليس لدينا مخزون كافٍ من الذخائر والسلاح».

وأثناء ذلك دخل العقيـد معمر القذافـي إلى حيث كنا مجتمعيـن أنا والمقـدم أبو بكر يونس.

في البداية نقلت له تحيات الرئيس سالم ربيع علي وتهانيه بعيد الجلاء واعتذاره عن عدم المشاركة، على أمل أن يزورهم مرة أخرى، وتوجهت بالحديث مباشرة إليه قائلاً:

نحن نقدّر مشاغلكم، لكن يهمنا أن نتبادل وإياكم الحديث بشأن آخر التطورات في اليمن والمنطقة. وشرحت له باختصار أوضاعنا السياسية والعسكرية والمشاكل الاقتصادية والمالية التي تواجهنا، والصعوبات التي خلّفها لنا الاستعمار في مجال الجيش والأمن.

هنا تذكر العقيد القذافي صلاته ببعض ضباط القوات المسلحة في بلادنا، الذين جمعته بهم الزمالة خلال الدورات العسكرية التي كانوا يحضرونها معاً في بريطانيا قبل استقلال اليمن الجنوبية وقبل قيام ثورة الفاتح من أيلول/سبتمبر، ووصف كل الضباط الذين عرفهم في تلك الدورة بأنهم رجال ممتازون. وأشار إلى وجود الملازم «عوض صالح الجبواني» عندهم في ليبيا الذي كان أحد زملاء تلك الدورة، ووصفه بأنه ضابط ممتاز وأنه - أي العقيد القذافي - مستعد ليضمنه … وسألني: «ما سبب إخراجكم له من الجيش؟!».

عندما وجدت العقيد معمر القذافي يهتم بأمره إلى درجة أنه يتذكر اسمه ويثير موضوعه معي خلال أول جلسة مباحثات رسمية أكثر من اهتمامه بالنظام والعلاقة مع عدن، وجدت أنّ عليّ أن أشرح الأمر، فأخبرته بأن «الملازم عوض صالح طلب التقاعد بمحض إرادته، وقد دفعنا له كامل حقوقه، ومنحناه شهادة خروج من القوات المسلحة، وعندما علم أنكم قائد الثورة التي قامت في ليبيا، وهو صديق لكم فكر في المجيء إليكم لعله يجد عملاً مناسباً عندكم».

سألني العقيد معمر القذافي:

هل تستطيع توظيفه في سـفارتكم هنا؟

أجبت بأنني سأدرس موضوع توظيفه في السلك الدبلوماسي بعد العودة الى عدن. وهز رأسه ولم يعلق.

هنا اعتذر القذافي عن عدم مواصلة الاجتماع، وبرر ذلك بانشغاله، ولكنه حدد موعداً في اليوم التالي.

وفي اليوم التالي 24 حزيران/يونيو اجتمعت بالعقيد معمر القذافي ثانية، وحضر اللقاء من الجانب الليبي الرائد عبد السلام جلود، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، والمقدم أبو بكر يونس والرائد الخويلدي الحميدي.

وبدأ العقيد القذافي حديثه بالنقاط الآتية:

إن الأخبار تصلنا باستمرار أنكم تنتهجون الخط «الماركسـي اللينيني» الذي يتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف وتراثنا وخطنا القومي. ولقد سمعت في الآونة الأخيرة أنكم احتفلتم بعيد ميلاد لينين، بينما لم تحتفلوا بذكرى مولد الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، وصور لينين تغطي ساحاتكم بشكل يثير مشاعر المواطنين…

إن علاقتكم بالجمهورية العربية المتحدة ليست طيبة، وإنكم لا تحبون قائد الأمة العربية جمال عبد الناصر… ونحن لا نقبل أي كلام يقال عن مصر وقائدها، ولا نقبل كذلك أن تكون علاقة أية دولة سيئة مع القاهرة مهما كانت هذه الدولة.

الوحدة اليمنية للبلد الواحد ضرورة حتمية، ولا بد أن تتم الوحدة بينكم وبين الشمال اليمني، وإذا كانت هناك خلافات بينكم وبين الأخوة في فعليكم حلها، لأن الوحدة اليمنية هي الطريق نحو الوحدة العربية الشاملة.

وطلب مني أن أنقل هذه القضايا التي أثارها إلى المسؤولين في عدن. بعد ذلك تحول حديثه إلى القضايا المالية، فقال:

«الدول العربية كلها تنظر إلى ليبيا وكأنها دولة غنية، بينما لا نزال في ليبيا فقراء وحفاة، وفي طرابلس العاصمة ما زال السكان يعيشون في أكواخ من الصفيح، وآخرون من المواطنين ما زالوا يشحذون في الشوارع… وإلى جانب ذلك لدينا بطالة… وبالنسبة إلى قواتنا المسلحة فقد كانت ميزانيتها في السابق 80 مليون جنيه إسترليني، ورفعنا ميزانيتها إلى 150 مليون جنيه حتى نستطيع بناء جيش حقيقي وحديث، ومع ذلك كله تطلب منا كثير من الدول العربية مساعدات». وأخذ يعطي الأمثلة وهو يشير إلى مشكلته:

أنتم تطلبون مساعدات، وأخوكم القاضي الإرياني ذكر أن بلاده تعاني جفافاً أدى إلى مجاعة السكان. وأضاف: وأرسل إلينا وزير التربية والتعليم يطلب مساعدات.

السودان قدمنا إليه مساعدة، ولكنه ما زال يطلب المزيد.

العراق بلد غني، وفيه أيضاً بترول، إلا أن صالح مهدي عماش طلب عدة مرات مساعدة العراق، ونحن نستغرب ذلك، بالرغم من أننا ساعدناهم أول الأمر.

تونس ولبنان (شارل الحلو) يطلبان مسـاعدات.

الثورة الفلسطينية تطلب مساعدات.

وعندما وصل إلى هذه النقطة سأل كالحائر: «ولا ندري ماذا نعمل؟!».

قلت له:

إن الحديث عن اتهامنا بالشيوعية ليس له أساس من الصحة وأريدكم أن تتذكروا أنه عندما قامت ثورة 23 يوليو في مصر، اتهمتها الدوائر الغربية المعادية بأنها شيوعية… وعليكم ألّا تستغربوا أنه في يوم من الأيام سيوجّهون إليكم وإلى ثورتكم هذه التهمة ذاتها إذا وقفتم موقفاً معادياً للمصالح الإمبريالية والاستعمارية… كنت أنطلق في حديثي من تجارب عديدة في بلادي وغيرها، فعندما اندفع بعض أوائل المناضلين في بلادنا، وحملوا بنادقهم لمقاومة الاحتلال الإنكليزي، وصفهم الاستعمار بالشيوعيين، مع أن كثيراً منهم كانوا أميين لا يجيدون القراءة والكتابة، ولم يسمعوا في حياتهم عن الشيوعية ولا ماذا تعني… والشيء ذاته الذي توقعته حدث للثورة الليبية، إذ سرعان ما وصفتها دوائر الغرب والبلدان المعادية لها بأنها شيوعية.

وقد انتهى اللقاء بإعطاء توجيهاته للسيد عبد السلام جلود بالموافقة على تقديم القرض الذي وافق الليبيون عليه عند زيارة رئيس الوزراء «محمد علي هيثم» لليبيا والبالغ (خمسـة ملايين) جنيه إسترليني.

وأجاب جلود:

أمرنا بإرسال «مليون جنيه، وسنراجع الاتفاقية ونعمل بما جاء فيها.

وعن المساعدات العسكرية، تولى الإجابة المقدم أبو بكر يونس، رئيس هيئة الأركان، فقال إن الفريق فوزي (وزير الحربية المصري) يقترح إرسال المعدات العسكرية عبر طريق صحراوي إلى السودان (الخرطوم) ومن ثم إلى ميناء بور سودان بسبب إغلاق قناة السويس، إلا أن الطريق غير معروف.

وذكرته بظروفنا الصعبة، وألححت على سـرعة إرسال المعدات بالجـو. وتدخل القذافي فقال:

عندنا طائرات كبيرة يقودها طيارون أميركان، هل تقبلون نزولها في عدن؟! وأخبرني أن الطيارين الليبيين لن ينهوا تدريبهم قبل ثلاثة أشهر.

وأجبت:

ما دامت الطائرات ليبية، فلا يهمنا من يقودها.

وكان هذا نهاية للاجتماع مع العقيد معمر القذافي وزملائه في مجلس قيادة الثورة.

وبعد هذه الزيارة جرى تبادل للزيارات بين المسؤولين في كل من عدن وطرابلس، ولعل أهمها كان زيارة العقيد معمر القذافي لعدن للمشاركة بالتوقيع على معاهدة عدن الثلاثية.
عدن الغد


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة كريتر سكاي ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من كريتر سكاي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق