اخبار اليمن الان | الرئيس علي ناصر يكشف لأول مرة عن حديثه مع الرئيس صدام حسين

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

إعداد / د. الخضر عبدالله :

الطريق إلى فلسطين

بعد ان تطرق الرئيس علي ناصر محمد في العدد الفائت حول العلاقات اليمنية الجنوبية والعراقية .. وينتقل بنا في حديثه هذه المرة الى اللقاءات الودية التي جرت مع الرئيس صدام حسين حول قضية فلسطين ..حيث قال  مسترسلا  :" أثناء زيارتي بغداد في تموز/يوليو 1977م قدم إلى بلادنا مساعدة تقدر بعشرين مليون دولار مع أسلحة وذخائر، ولكن المساعدة قدمت إلينا في ظروف صعبة مالياً وسياسياً وعسكرياً. بعد ذلك طلب منا العراقيون أن نمنحهم قاعدة بحرية وجوية في جزيرة «» ذات الأهمية الاستراتيجية، وكان الهدف من ذلك الخروج بالبحرية العراقية من شط العرب ومضيق هرمز  الذي يبعد عن شط العرب أكثر من 500 ميل، وقال لي نائب الرئيس العراقي صدام حسين، وهو يعرض عليّ الأمر: «نحن بحاجة ماسة لهذه القاعدة، لأن البحرية العراقية تحت رحمة الشاه والدول العظمى ودول الخليج الذين يجب اقتلاعهم!» حسب تعبيره. وفي السياق أضاف صدام: «إن إقامة هذه القاعدة ستسهم في الخلاص من هذه الأنظمة. كذلك إن الطريق إلى تحرير فلسطين يجب أن يمرّ عبر اقتلاع هذه الأنظمة في الخليج وإسقاط نظام حافظ الأسد في سورية..

وواصل الرئيس ناصر وقال " وأكد لي صدام حسين  ضرورة قيام دولة قوية ومهيبة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، تسيطر على النفط والممرات الاستراتيجية في مضيق هرمز وباب المندب وخليج العقبة، وقيام هذه الدولة هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وغير ذلك من الأحلام "

طموحات غير واقعية

ويضيف الرئيس علي ناصر  بالقول :" أتذكر أنني نصحته في أحد اللقاءات في نهاية السبعينيات بأن هذه المشاريع والطموحات غير واقعية، وأنه من غير المسموح حتى الحديث عنها، وعلقت مازحاً: «إلا في أغنية بساط الريح من بغداد إلى تطوان»، وفي الشعارات التي رفعها البعث «أمة عربية واحدة»، وأن القوى الكبرى لن تسمح حتى بالتفكير في ذلك، وضحك حينذاك وقال: «إن الغرب لا يريد من منطقتنا إلا النفط، ونحن مستعدون لبيعه لهم بأقل من السعر العالمي». وكان حينذاك يحلم بدور قومي وإقليمي أكبر من دور الرئيس جمال عبد الناصر وفي غيابه عن المنطقة والعالم معتمداً على الثروة الهائلة من النفط في العراق وعلى رابع جيش في العالم، كما كان البعض يصورونه آنذاك.

الخلافات العربية تصل إلى هذا الحد

ويسترسل الرئيس ناصر حديثه قائلا :" بصراحة مطلقة، أدهشني تفكير صدام حسين، ولكنني قلت له: «إن الخلافات العربية يجب ألّا تصل إلى هذا الحد، وفوق ذلك إن مثل هذا العمل غير مسموح به، فللغرب مصالحه التي سيحميها». ومنذ ذلك الوقت اكتشفت أنه يخطط لشيء ما، ولكن لم يخطر على بالي حدود ما يفكر فيه، ولم أعد إلى ذلك اللقاء الغني بالمؤشرات والذي لم أتخيله قط إلا بعد أن اجتاح صدام حسين بقواته دولة الكويت الشقيقة والتفكير نحو مضيق هرمز، حين اعتقد أن الساحة خالية - كما تصور - وما عليه إلا أن يتقدم خطوة قد تكون فاتحة لخطوات أخرى عديدة. وقد حاولت أن أوضح لصدام حينذاك عندما طلب منا منحه قاعدة بحرية وجوية في جزيرة سقطرى، أن إقامة مثل هذه القاعدة ستلحق الضرر باليمن الديمقراطية، وزدت قائلاً: «إننا متهمون أصلاً دون أساس، بمنح قاعدة للاتحاد السوفياتي في الجزيرة، ما أدى إلى تآمر الدول الغربية وبعض دول المنطقة على الديمقراطية، ولسنا على استعداد لنفتح على أنفسنا باباً آخر للمشاكل». وأخبرته بأنني مع ذلك سأعرض الأمر على القيادة السياسية في .

إذا دخلوها لكن يخرجوا منها

ويقول الرئيس ناصر  مردفا :" وفعلاً ناقش «المكتب السياسي» الطلب العراقي، وكان أول تعليق قاله رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع: «إنهم إذا دخلوا سقطرى فلن يخرجوا منها»، باعتبار أن اليمن الديمقراطية لا تملك أسطولاً بحرياً أو طائرات بعيدة المدى لاستعادة الجزيرة. واقترح الرئيس ربيع بدلاً من ذلك منحهم قاعدة بحرية في قرية بئر علي على بعد 300 كيلومتر تقريباً إلى الشرق من عدن، وكان رأيه أنّ بالإمكان مراقبتهم هناك، وإذا تطلب الأمر إخراجهم منها.

قدم إلى عدن الفريق الركن عبد الجبار شنشل، رئيس الأركان العراقي، للاستماع إلى ردّ القيادة، وقد أطلعناه على مقترحنا، مستبعدين فكرة منحهم قاعدة في سقطرى من الموضوع نهائياً، لكن العراقيين الذين كانوا قد وضعوا في مخططهم الجزيرة رفضوا كل البدائل الأخرى.

كرسي صدام حسين!

ويكمل الرئيس ناصر حديثه متطرقا :" أتذكر أن زيارتي لبغداد في تموز/يوليو 1977م تأجلت عدة مرات بسبب كرسي صدام، حيث كان الرئيس صدام يجلس على كرسي يعلو كراسي ضيوفه! كان صدام مريضاً، مصاباً بمرض في عموده الفقري، وقيل لي إنه لن يستطيع استقبالي في المطار أو الجلوس في أثناء المفاوضات معي على كرسي عادي، وعندما رفضت ذلك، أشعرونا بالموافقة على الزيارة، وقالوا إنهم حلوا مشكلة الكرسي! إذ سيجلس معك على كرسي عادي وقت التصوير ليعود إلى كرسيه بعد ذلك.

في زيارة أخرى للعراق في عام 1978م تحدثت مع صدام حسين بمنتهى الصراحة، مشيراً إلى أن العلاقات التي بيننا لا تمتّ بصلة إلى العلاقات التي يجب أن تقوم بين دولتين شقيقتين. قلت له: إنكم والإخوة الليبيين تعدون وتوقعون اتفاقيات معنا ولكنكم لا تنفذون منها شيئاً!

انزعج صدام لهذه الصراحة ورد مستاءً أو مستفزاً: إذن نحن نكذب؟!

قلت له: لا أقصد أنكم تكذبون، ولكنكم لا تنفذون ما تعدون به! في عام 1975م وعدتم الرئيس سالم ربيع علي في قمة الرباط بتقديم معونة مالية إلى اليمن الديمقراطية بمبلغ عشرة ملايين دولار لمواجهة ارتفاع أسعار النفط بعد حرب 1973م، وقبل ذلك وعدتم الأمين العام عبد الفتاح إسماعيل بمبلغ مماثل في أثناء زيارته لبغداد عام 1972م، ولكنكم لم تنفذوا هذا ولا ذاك، وها نحن صرنا في عام 1978م.

وأضفت:.. الليبيون بالمثل، وعدونا بتقديم مساعدات وصَدقناهم وأدرجناها ضمن خططنا الاقتصادية، ولكنهم تراجعوا عن وعودهم، وسبّب لنا ذلك إرباكات لا حد لها، وتعطلت مشاريع مهمة كانت مدرجة في خطة التنمية، واضطررنا إلى ترحيلها من سنة إلى أخرى..

قصة العشرين مليون دولار

ويتابع الرئيس ناصر حديثه وقال:" حين انتهيت نهض صدام ورفع سماعة الهاتف وطلب رقم عدنان حسين، الصديق والأخ المدلل لصدام كما يطلقون عليه في بغداد. وكان عدنان حسين يشغل منصب وزير التخطيط في الحكومة العراقية، وأصدر إليه أمراً بتحويل مبلغ عشرين مليون دولار فوراً إلى اليمن الديمقراطية. وكان صدام يقول له في أثناء إصدار الأمر: «دزوا عشرين مليون دولار للأخ علي ناصر، إنه هنا عندي وزعلان ويتهمنا بالكذب وأننا نوقع ولا ننفذ». وسمعت على الجانب الآخر صوت عدنان حسين وهو يجيب: «أمرك سيدي»، وبعد ذلك قابلت الصديق عدنان حسين الذي أكد لي أنه سيحول المبلغ، وكان يتردد باستمرار إلى عدن ودول المنطقة، وقد تعززت علاقاتنا الشخصية والرسمية معه حيث كان يعتبر رجل المهمات الخاصة إلى دول المنطقة، وهو محل تقدير واحترام المسؤولين فيها.

وبالفعل حُوِّل المبلغ إلى عدن بعد أسبوعين فقط. شعرت حينذاك بأنني لم أخطئ في صراحتي مع صدام، وبأنه صاحب القرار ورجل الدولة القوي في بغداد في فترة حكم أحمد حسن البكر.

عدن الغد


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة كريتر سكاي ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من كريتر سكاي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق