اخبار سوريا اليوم - العنصرية اللبنانية... التوافق الوطني الجديد!

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

تُنتج العنصرية اللبنانية يومياً من السموم ما يكفي لتلويث بحار العالم والقضاء على الحياة فيها. ويجري هذا الإنتاج برعاية الائتلاف الحاكم وتشجيعه وسط ما يشبه التواطؤ العام من أكثرية اللبنانيين حتى تحول إلى سياسة رسمية تروج لها وسائل إعلام وتدافع عنها منابر وأقلام.
والعنصرية ليست نبتة وحشية في بل إن جذورها عميقة وتعكس الانقسام القبلي - الطائفي ولغته و«خطابه» الاستعلائي المستند إلى تاريخ متخيل ووهمي، حيث تحتفظ كل فئة بلائحة بمثالب أعدائها ونواقصهم، تخفيها أو تبرزها حسب ضرورات السياسة والحرب. الممارسات الطائفية التي شهدتها حروب لبنان، ويشهدها سلمه حالياً، تتغير وفق موازين القوى وتتخذ مع كل انعطافة مظهراً جديداً، متفاوت الشدّة أو اللين.
ومثلما يُخضع اللبنانيون بعضهم البعض للمعايير الطائفية - العنصرية في الخطاب والممارسة، يُخضعون كذلك كل المقيمين في بلدهم للمعايير ذاتها. العار لا يكفي لوصف ما ينزل بالعمال الأجانب من إذلال وإهانة واستغلال، ما يجعل خبر انتحار واحد من العمال (خصوصاً العاملات) الأجانب خبراً شبه يومي لا يستدعي اهتماماً يُذكر. والأرجح أن هذا وضع يتشارك فيه لبنان مع الدول العربية الأخرى. وقد نال اللاجئون الفلسطينيون حصة كبيرة من التمييز العنصري قبل الحرب الأهلية وبعد انسحاب قوات منظمة التحرير من لبنان فيما شكلت الأعوام بين الستينات والثمانينات فترة استراحة، مهدت في المقابل لسياسات فلسطينية لا تقل تعسفاً واعتباطاً ضد اللبنانيين أقر بها بعد أعوام مسؤولو منظمة التحرير، قبل أن يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى موقع الضحية ابتداءً من تسعينات القرن الماضي.
وضع اللاجئين السوريين الذين يشكّلون حالياً الهدف المفضل للعنصرية اللبنانية، أكثر تعقيداً بسبب التاريخ الملتبس للعلاقة اللبنانية - السورية والسابق على ثورة 2011 وما نجم عنها من تهجير متعمد وتطهير عرقي مقصود. وعلى غرار كل العنصريات، تفترض النسخة اللبنانية أن ثمة «عرقاً أرقى» و«أصيلاً» هو صاحب الحق في هذه الأرض وفي ثرواتها وهو صانع تاريخها – المجيد، حكماً، وهو المساهم المبدع في الحضارة العالمية وما يعادل ذلك من الخرافات.
في حين ينتمي اللاجئ، السوري في الرطانة السائدة، إلى عرق أدنى قادر على التكاثر البيولوجي بمعدلات عجيبة ويتمتع بمزايا تؤهله للسيطرة على الاقتصاد الوطني، والتسبب بمشكلات تمتد من منافسة اليد العاملة المحلية إلى انقطاع الكهرباء وازدحام السير وزيادة نسب الطلاق. تتردد هذه المقولات يومياً في أوساط اللبنانيين ووسائل إعلامهم ومنصات التواصل الاجتماعي وتصريحات سياسييهم بوتيرة جعلت منها حقائق مثبتة لا تتطلب نقاشاً ولا تدقيقاً. في الوقت الذي تتضاءل أعداد رافضي العنصرية ويلوذون بالصمت تباعاً، نظراً إلى عتوّ الموجة وعلوها وانضمام «فئات الأمة» –على ما تصف القوانين اللبنانية الطوائف- على اختلافها إلى حملة شيطنة اللاجئين والدعوات إلى إرغامهم على العودة إلى بلدهم أو طردهم إلى أي مكان بعيداً عن «لبنان الأخضر».
علّة اتساع طيف العنصريين اللبنانيين وانخراط «فئات» جديدة في خطاب الكراهية، تنقسم إلى قسمين: الأول، هو نجاح محور الممانعة ومن ضمنه الحزب الحاكم اليوم، في الحيلولة دون تسييس اللاجئين، بمعنى جعلهم قوة احتياط في المعسكر الخصم على غرار الدور الذي أداه الفلسطينيون بين الستينات والثمانينات حيث أسهموا بتغيير جذري في موازين القوى المحلية، لمصلحة المسلمين. بُذلت جهود كبيرة لمنع أي تقارب بين السياسيين اللبنانيين «السياديين» وبين أي وجه من وجوه القضية السورية. الآخر، أن اللجوء السوري جاء في زمن أزمة وطنية لبنانية عامة، سياسية واقتصادية واجتماعية.
وإذا كان اللبنانيون غير متفقين على أي نوع من العلاج لمشكلاتهم المزمنة ولاضمحلال دولتهم واجتماعهم ولتدهور اقتصادهم، َ لا يلقون اللوم على «الآخر»، الأدنى عرقياً وثقافياً والمتخلف اجتماعياً والمكشوف والملاحق سياسياً (من قِبل نظامه في المقام الأول) والمحكوم بحاجته الاقتصادية إلى لقمة العيش؟ بين العنصرية الصريحة التي يطلق سمومها أعضاء الائتلاف الحاكم وبين التواطؤ الضمني للفريق «السيادي» المهزوم، بدا أن إجماعاً وطنياً جديداً يتشكل عنوانه تحميل اللاجئين السوريين أعباء كل الكوارث التي ساقت الطبقة السياسية الحاكمة اللبنانيين إليها. وهذا مخرج مثالي ومجرّب وناجح، بل إن الدول «المتحضرة» التي يسحر رقيّها اللبنانيين، تعود إليه مع أحزاب اليمين المتطرف الظافرة. فلماذا يصح في أوروبا ولا يصح في لبنان؟ يتساءل العنصريون في بلادنا.
ما يفاقم مأساة اللاجئين السوريين في لبنان هو التخلي المأساوي عنهم. ليس من قِبل العالم والمجتمع الدولي سيئ الذكر فحسب، بل أيضاً من قِبل مَن يصنّف نفسه في صف النخبة المعارضة والمثقفة السورية. ذلك أن ما تفتق عنه ذهن هؤلاء في الرد على ما يُمارَس على مواطنيهم التعساء في لبنان، لم يكن غير تعليقات تافهة على مواقع التواصل الاجتماعي، تقابل العنصرية اللبنانية بأسوأ منها من دون أن تحتوي أدنى فكرة عن كيفية التخفيف من نكبة اللاجئين، بل تبشر هؤلاء بالمزيد من البؤس في ربوع لبنان الذي يعيد، عبر الكراهية، صوغ وحدته وتوافقه الوطني الجديد فيما لا تتوقف أموال الدول المانحة من التدفق إليه لمنع وصول أمواج اللاجئين إليها.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة السورية نت ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من السورية نت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق