اخبار سوريا اليوم - لماذا سكت الغرب عن مجزرة حماة وكيف بررها حافظ الأسد؟

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

مجزرة حماة واحدة من أفظع المجازر في تاريخ الحديث - صورة تعبيرية

يصادف اليوم السبت، الذكرى الـ37 لمجزرة حماة التي نفذها نظام حافظ الأسد، والتي كانت واحدة من أفظع المجازر في تاريخ سوريا الحديث، حيث قامت قوات الأسد باقتحام مدينة حماة في 2 فبراير/ شباط 1982، وارتكبت المذابح بحق المدنيين لـ27 يوماً متواصلاً.

ولا يزال السوريون يتناقلون أحداث تلك المجزرة البشعة، حيث تنوعت أساليب القتل والتنكيل التي قام بها النظام ضد أهالي المدينة، لم يوفر فيها حتى الأطفال. فكان مما تم تناقله عن شهود عيان قيام جنود الأسد في اليوم الرابع عشر على بداية المجزرة بقتل عدد كبير من الأطفال في أحد أحياء حماة، بعد أن خرجوا من بيوتهم طمعاً بإحضار الخبز من سيارة كانت في طرف الشارع، حيث اعترضهم جنود النظام وطلبوا منهم الدخول إلى مسجد مجاور، وهناك فتحوا عليهم النار، وقتلوا العشرات منهم.

لكن السؤال الذي بقي مطروحاً حتى الآن: لماذا سكت الغرب عن المجزرة وكيف بررها حافظ الأسد؟

السؤال أجاب عليه الباحث الفرنسي "ميشيل سورا" في كتابه "دولة البربرية" الذي ألفه منذ 3 ثلاثة عقود، وصُنف على أنه أحد أهم الكتب التي تفسير أسباب ما وصلت إليه سوريا اليوم.

وفي هذا الكتاب، قدم "سورا" تحليله للصيغة التي اعتمدها الأسد لتبرير مجزرة حماة وتبناها الغرب عموماً، ومفادها أنها "مجرد عملية جراحية لا بد منها"، ضد معقل أصولي في سوريا، ما جعل النظام يبدو في حينه "دولة علمانية تعمل للحداثة في مواجهة معارضة دينية ظلامية" تمثلت في ذلك الوقت بـ"الإخوان المسلمين" كما صورها الأسد وإعلامه.

"سورا" والذي لم ينخدع بشعارات التقدمية والاشتراكية والعداء للإمبريالية التي كان يظهرها حافظ الأسد، مؤكداً في مقالاته التي كان ينشرها أنه لا يوجد عند الأسد مشروع آخر، لا بناء أمة ولا بناء دولة ولا إقامة عدالة اجتماعية، وإنما بناء سلطة وتأمين وسائل القوة الكفيلة بالدفاع عنها، يبدو أن موقفه ورؤيته هذه هي التي تسببت باختطافه من مطار سنة 1985 من قِبَل منظمة "الجهاد الإسلامي" التي كانت إحدى واجهات "حزب الله" حديث التشكل في ذلك الوقت. وأعلنت قتله عام 1988، وبعد احتجاز جثته 20 عاماً، سلم "حزب الله" الجثمان إلى الحكومة اللبنانية.

كيف حصلت المجزرة؟

لتنفيذ عملية مجزرة حماة، حشد الأسد "سرايا الدفاع" التي كان يقودها أخوه رفعت الأسد، واللواء 47 دبابات، واللواء 21 ميكانيك، والفوج 21 إنزال جوي، فضلاً عن مجموعة من شبيحة النظام من المخابرات وفصائل حزبية مسلحة.

وقامت قوات النظام المهاجمة بتطويق المدينة ومنع المدنيين من الخروج منها، وحاصرها حصاراً خانقاً، مع قصف وقتل وتنكيل لم ينقطع طوال أربعة أسابيع.

وقتل في المذبحة آلاف المدنيين قُدرت أعدادهم ما بين 10 إلى 40 ألف مدني، من أصل 350 ألف نسمة كانوا يسكنون حماة، ولم تتمكن منظمات حقوق الإنسان حتى الآن من حصر العدد الحقيقي للقتلى في المدينة بسبب التعتيم الكبير الذي مارسه نظام الأسد على مجازره، وسكوت الدول العظمى عما فعله.

كما فُقد من المدنيين أكثر من 15 ألف نسمة لم يُعرف عنهم شيء حتى يومنا هذا، ودمرت أحياء بأكملها، كحي الحاضر والكيلانية والزنبقي، ونهبت البيوت والمحال التجارية، وهُدم 88 مسجداً وثلاث كنائس، مما اضطر أكثر من 100 ألف نسمة للنزوح عنها، وهرب كثير منهم خارج سوريا.

ومازال أهالي حماة يذكرون الوفد الذي خرج للحوار مع قوات حافظ الأسد من أجل تحييد المدنيين، وكان منهم الدكتور عبد القادر القندقجي وهو طبيب عظام والدكتور عمر شيشتلي وهو طبيب عيون، كيف قتلهما نظام حافظ الأسد حيث عادا للأهالي جثتين هامدتين، وقد كُسّرت عظام طبيب العظام، وأطلق الرصاص على عيون طبيب العيون.

إنكار المجرم..

أنكر رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد والذي كان على رأس "سرايا الدفاع" التي شاركت في مجزرة حماة ومن قبلها مذبحة سجن تدمر في أغسطس/ آب 1980، معرفته بحماة، وفي مقابلة أجرتها معه قناة "العربية" أواخر عام 2011 ادعى أنه لم يزر حماة، وأن شقيقه حافظ الأسد كلف وزير الدفاع آنذاك مصطفى طلاس، ورئيس الأركان حكمت شهابي بالموضوع.

وكذلك فعل ريبال الأسد ابن رفعت، فقد نفى هو الآخر علاقة والده بالمجزرة، وذلك في لقاء مع قناة "بي بي سي" العربية في شهر أغسطس/ آب 2015.

وقد كذّبت الوقائع ادعاءات رفعت وابنه، فالجرائم التي ارتكبت في عهد حافظ الأسد تم توثيقها في عدد لا نهائي من الشهادات والوثائق والكتب والتقارير الحقوقية.

وذكرت "اللجنة السورية لحقوق الإنسان"، أن عشرات الكتب والدراسات التي أعدّها أشخاص معروف بحياديتهم، وفي بعض الأحيان بتعاطفهم مع نظام الأسد قد وثّقوا العديد من المجازر، مثل مجزرة حماة وسجن تدمر.

وأضافت اللجنة، أن ملف رفعت الأسد مليء "بالكثير من الأدلة الدامغة حول تورّطه المباشر في أعمال القتل خارج نطاق القانون والاختطاف القسري والتعذيب وسلب الممتلكات وأعمال الاغتيال خارج سوريا، حتى خروجه منها في عام 1984".

جرائم وترفيعات

حافظ الأسد وبعد مذبحة حماة وبحسب تقرير "اللجنة السورية لحقوق الإنسان" حول المذبحة الذي صدر عام 2003، فقد "عمد إلى مكافأة العسكريين المشتبه في تورطهم فيها أو الذين كان لهم ضلع مباشر في أعمال القمع، ومن بين هؤلاء العقيد رفعت الأسد الذي عين نائباً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي، وضباط كبار في الجيش والمخابرات جرى منحهم رتباً أعلى.

كما تم تعيين محافظ حماة محمد حربا في منصب وزير الداخلية، وكانت تلك الإجراءات بمثابة استهتار غير مسوغ من قبل الحكومة بالمشاعر العامة، وتأكيداً واضحاً على استمرار منهجية القوة بدلاً من الحوار في التعاطي مع الشؤون الداخلية.

وسار بشار الأسد الابن على نهج والده، فقد أصدر مراسيم بمكافأة قادته وعناصره، وأعطاهم الرواتب والمحفزات، كما أصدر مرسوماً مع بداية الثورة السورية عام 2011، يقضي بمعاملة عناصر الشرطة والجمارك والأمن السياسي معاملة العناصر العسكرية؛ المحميين من أي ملاحقة قضائية في حال ارتكابهم جرماً يخص قيامهم بعملهم، وهذا يعني أن كل عناصر النظام وشبيحته والمتعاونين معه خارج نطاق المحاكمة.

كما عمد مؤخراً مؤخراً، إلى منح بعض المشاركين الأساسيين في جرائم الحرب بسوريا، مناصب رفيعة، وكان من بينهم رئيس شعبة الأمن السياسي، والرئيس السابق لفرع المخابرات الجوية في حرستا، خالد الرحمون، والذي عُين من قبل الأسد كوزير للداخلية، وهو يُعد أحد أبرز الضباط الأمنيين في نظام الأسد فتكاً بالمعتقلين.

يذكر بأن نظام حافظ الأسد، ومن أجل حماية نفسه وعناصره من الملاحقة الجنائية، لم يوقع في عهده على انضمام سوريا للمحكمة الجنائية الدولية مما يجعلهم بمنأى عن ملاحقة المجتمع الدولي للجرائم المرتكبة كمجزرة حماة. وحرص ابنه بشار الذي ارتكب جرائم تماثل ما حصل في حماة في مختلف المناطق السورية، على عدم الانضمام لهذه المحكمة.

اقرأ أيضاً: جيش النظام.. ميدان تنافس إيراني روسي يتحول لصدام بين ماهر الأسد والنمر

المصدر: 

خاص - السورية نت


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة السورية نت ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من السورية نت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق