اخبار مصر اليوم - «السوريين_منورين_مصر» .. 4 آلاف عام من المحبة

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

اشترك لتصلك أهم الأخبار

في قلب الهرم الأكبر، أعظم الآثار المصرية، تظهر شواهد علاقات قديمة وطيدة بين الشعبين المصرى والسورى، إذ خطا الملك خوفو خطواته الأولى في الحياة الأخرى، مصطحبًا أدواته ومقتنياته المنحوتة من أشجار السرو والأرز القادمة من ساحل الشام.

وعبر تاريخ طويل من تغير اللغات والأديان والحدود والعلاقات السياسية بين الأنظمة الحاكمة، ظلت العلاقات بين شعبى وسوريا تجد طريقها للتواصل والنمو، بالفن والتجارة والحب والزواج. لذا لم يتأخر المصريون في إظهار تلك العلاقة الراسخة في القدم بينهم وبين السوريين عندما تقدم المحامى المثير للجدل «سمير صبرى» بمذكرة للنائب العام لإخضاع أموال ومشروعات السوريين في مصر للرقابة والحصار متهمًا إياهم بدعم وتمويل الإرهاب. فأظهر المصريون محبتهم على شبكات التواصل الاجتماعى بوسم بعنوان «السوريين_منورين_مصر»، الذي احتل قمة قائمة التريند على تويتر لعدة أيام خلال الأسبوع الماضى.

في هذا الملف تستعرض «المصرى اليوم»، تاريخ المحبة المصرية السورية، وتبرز الأثر الذي أحدثته الاستثمارات السورية في الاقتصاد المصرى.

«صنعت بأيدٍ سورية على الأراضى المصرية» عبارة مطبوعة على الكثير من المنتجات السورية في السوق المصرية، تذكيرًا بجودة المنتج السورى وإن جرى تصنيعه خارج بلده.

عقب اندلاع الحرب بسوريا في 2011 لم تكن مشاركة السوريين بالسوق المصرية كبيرة، إلا أنه بعد مرور ثمانى سنوات رصدت التقارير الرسمية للأمم المتحدة أن إجمالى الأموال التي استثمرها السوريون في مصر منذ عام 2011 يقدر بنحو 800 مليون دولار، من خلال 30 ألف مستثمر مسجل بالفعل لدى هيئة الاستثمار. وتشير بيانات وزارتى الاستثمار والتعاون الدولى، والتجارة والصناعة في عام 2018 إلى أن أعداد الشركات التي أسسها المستثمرون السوريون وصل إلى 818 شركة في مختلف المجالات الصغيرة والمتوسطة.

بلاغ مثير من أحد المحامين بوضع الاستثمارات السورية تحت الرقابة القانونية، قابلته حملة رفض على المستويين الشعبى والرسمى، حيث تصدر وسم (#السوريين_منورين_مصر) مواقع التواصل الاجتماعى في رسالة دعم وترحيب بالسوريين. وهو ما اعتبره رجل الأعمال السورى «خلدون الموقع» رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين بمصر بمثابة استفتاء شعبى ورسمى على حد قوله على التواجد السورى بمصر، وأضاف أن أغلب المشاركين على هذا الوسم من الشباب المصرى، وهم أكثر المدافعين عن التواجد السورى، وهو ما يراه نجاحًا للتجربة السورية ودفعة للاستمرار في السوق المصرية» خاصة وأن «الشباب يرى الأمل في المشاريع السورية إما بالعمل معها أو يؤسس مثلها، ويشعر أن أمامه فرصة عمل أو مجال للمنافسة». وأوضح أن هذه الحملة هي دليل على نجاح السوريين بمصر وخاصة أن الجانبين الرسمى والشعبى المصرى اتفقا على الترحيب بالسوريين. ويرى أن السوق المصرية تقبل التعامل مع المشاريع السورية التي خلقت تناغما بين السوريين والمصريين واستوعبتهم معا بخلاف الأسواق في ولبنان والأردن «التى لم تسمح بمثل هذه الفرصة للمستثمر السورى» على حد قوله. رافق هذه الحملة الشعبية استنكار برلمانى عبر عنه النائب طارق متولى عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، الذي اعتبر أن هناك حملة ممنهجة هدفها إحداث توتر بين الجانبين. وأوضح النائب أن تواجد السوريين في مصر أدخل الكثير من الأموال والاستثمارات في مجالات مختلفة، ما ساهم في تنشيط الاقتصاد، وإحداث حالة من التنافسية بين المنتجات.

لم يكن دخول المستثمر السورى السوق المصرية خطوة سهلة، بل واجه المستثمرين السوريين العديد من العقبات وخاصة أنهم لم يتوقعوا أن تستطيل مدة الحرب والغياب عن وطنهم كل هذه السنوات، وهذا ما حدث لعمر الحبال الرجل الستينى الذي جاء مصر في 2012 كمقيم بعد أن تعرضت مدينته حماه للقصف، فقرر الانتقال منها إلى مصر. وبعد أن طالت مدة الغياب، قرر نقل عمله الذي اعتاد عليه إلى مصر، فأسس مشغلًا للأصواف وتمكن من نقل نشاطه من إلى مصر.

اختار الحبال مصر لمعرفته بأوضاع السوق المصرية بالإضافة إلى القرب بين البلدين «كان يحصل مشكلة في سوريا ييجوا مصر والعكس صحيح، وبالتالى لا يوجد حى في سورية أو قرية إلا فيها عائلة مصرية باسم (المصرى)». وأضاف أن أبرز المشكلات التي تواجهه تتمثل في فرض التأشيرات على دخول السوريين مصر بالإضافة إلى البيروقراطية في الإجراءات، إلا أنه يستدرك أن باقى المعاملات يعامل فيها السورى معاملة المصرى. وأضاف أن إجراءات الحصول على الموافقات الأمنية تستغرق وقتًا، بالإضافة إلى أن استخراج الإقامات يمثل معوقات أمام المستثمر، فالحصول على إقامة المستثمر يسهل على رجال الأعمال غير المصريين السفر والعودة لمباشرة أعمالهم، لكن الحصول عليها في مصر صعب ويستغرق وقتًا.

يرى الحبال أنه بسبب بعض المعوقات خاصة بعد فرض التأشيرات على دخول السوريين لمصر، استطاعت تركيا الاستحواذ على نصيب كبير من أموال واستثمارات السوريين بسبب التسهيلات الكبيرة « انتقلت بالكامل على تركيا بسبب التسهيلات التي أعطتها الحكومة التركية للمستثمرين، أما مصر تجتذب سوى حوالى 10%». ولكنه متمسك بالسوق المصرية نظرا لكبرها وتقبل المجتمع المصرى للأنشطة السورية المختلفة، وأضاف أن المجالات التي دخل فيها السوريون هي المجالات التي عملوا فيها بالداخل السورى مثل الصناعات المعدنية والإلكترونية الصغيرة وصناعات الخيوط القطنية والنسيج ومصانع الغزل، «والجميع يعمل بشكل نظامى في مصر ويحصلون على تراخيص إدارية من أجهزة الأحياء وأجهزة المدن، وساهموا في خلق رواج بسوق إيجار العقارات بسبب اعتمادهم على الإيجار للسكن أو للعمل خاصة المشروعات ذات رأس المال الصغير».

روى خلدون الموقع رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين بمصر لـ«المصرى اليوم» كيف أخذت الاستثمارات السورية في التحول تدريجيًا من مشروعات بسيطة إلى استثمارات كبيرة قادرة على المنافسة داخل السوق المصرية، فقال إنه لم يكن بمصر استثمارات سورية كبيرة قبل 2011، وذلك لأن السوق السورية كانت تحظى بنشاط اقتصادى جيد وكان لدى المستثمرين السوريين أسواق خارجية جيدة لصغر حجم السوق السورية، وبالتالى اعتماد قواعد المصنعين السوريين على التصدير بشكل أساسى «خاصة أن السوريين متخصصون بالصناعات الصغيرة والمتوسطة والتى تحتاج إلى تواجد المستثمر وإشرافه عليها بنفسه». إلا أنه مع بداية الأزمات في الداخل السورى، كان خروج رجال الأعمال من سوريا هربًا من الموت، وليس بغرض الاستثمار «بالتالى كان الحل الأفضل الانتظار فترة خارج البلاد حتى تهدأ الأوضاع بالداخل السورى، إلا أن المدة طالت فأصبح هناك حاجة ماسة إلى استغلال ما لديهم من رؤوس أموال في مشروعات في المجالات التي اعتادوا العمل فيها في سوريا».

«كانت البداية بمشروعات صغيرة جدا»، واعتمد المستثمرون على سمعة المنتج السورى الذي تعرفه السوق المصرية. وبالإضافة إلى كبر حجم السوق المصرية وقبول المجتمع المصرى للاستثمار السورى، وفرت الأحوال الاقتصادية فرص التوسع في الاستثمارات السورية. وبعد ثمانى سنوات تمكن المنتج السورى المصنع في مصر من أن يحل محل المنتج التركى والصينى في بعض الصناعات بحسب تأكيدات رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر.

وأضاف خلدون أن جميع الاستثمارات السورية بمصر يعمل بها مصريون بنسبة 90% من حجم العمالة، بينما يعمل السوريون بنسبة 10% فقط ما يجعل نسبة المصريين تفوق النسبة التي يفرضها قانون الاستثمار. يقول خلدون الموقّع «من مصلحتى أن يعمل معى ابن البلد». وبالتالى يرى أن عليه الاعتماد على العمالة المصرية التي لا تحتاج إلى تأمين إقامات لها داخل مصر، بالإضافة إلى أن ذلك يضمن للمشروع النجاح والتواصل أكثر مع المجتمع المصرى. وأضاف أن المستثمرين السوريين لم يلجأوا إلى الاقتراض، ولكن أغلب المشاريع تعتمد على المشاركة بين أكثر من مستثمر، سواء سوريين أو بمشاركة مصريين أيضا، بالإضافة إلى أن الاستثمارات السورية تتم في إطار القانون.

عدم القدرة على التواصل في بعض الأحيان مع المسؤولين، من أبرز العقبات التي تقابل بعض المستثمرين السوريين. يقول خلدون «رغم زيادة حجم الاستثمارات إلا أن التواصل مع المسؤولين قليل رغم أن هذا التواصل الذي يحدث في بعض الأحيان يساهم في تذليل العقبات أمامنا في العمل أو الإقامات أو في البيروقراطية وغيرها، لزيادة حجم الأعمال. مما يساهم في إنعاش السوق المصرية». وقال إن أكثر من 5 آلاف مشروع سورى تم افتتاحها منذ 2011 حتى الآن، مسجلة لدى الجهات الرسمية. ويرى أن هذا الرقم مرشح للزيادة وخاصة بعد القبول الذي حصل عليه السوريون من قبل المجتمع المصرى. وطالب بأن يكون هناك تواصل مع الجهات الرسمية في تذليل أي عقبات أمام المستثمرين، مضيفًا أن وزير التجارة والصناعة الأسبق اقترح إنشاء منطقة صناعية سورية ولكن الحديث عن هذا المشروع توقف. وتعليقا على مساهمة الاستثمار السورى بالاقتصاد المصرى، قال رشاد عبده الخبير الاقتصادى إن الدولة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية ودعم المناخ الإيجابى «وبالتالى لماذا لا نساهم في زيادة الاستثمارات السورية» التي يرى أنها ساهمت في زيادة الناتج المحلى وخفض معدل الديون، وجذب المزيد من الاستثمارات من الدول الأخرى وتحسين صورة مصر كدولة جاذبة للاستثمارات.

وأضاف أن الاستثمارات السورية خلقت حالة تنافسية بالسوق المصرية خاصة في الأعمال الحرفية، لتميزالسوريين بالوضوح في التعاملات وحرصهم على العمل تحت مظلة القانون، خاصة أنهم استثمروا داخل سوق مستقرة وحاولوا وضع ميزات تنافسية في هذه القطاعات التي عملوا فيها ما انعكس بالإيجاب على المستهلك المصرى.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المصري اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المصري اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق