اخبار الامارات اليوم العاجلة - «مُعلم الظل».. رقيق على الطالب ثقيل على جيوب الأسر

غلاء وندرة «مُعلم الظل» لمتابعة الطلبة المحتاجين لرعاية واهتمام خاص داخل أسوار المدرسة، قضية باتت تؤرق مضاجع أهالي أصحاب الهمم، وتحتاج إلى إعادة النظر، خاصة أنها تكون إجبارية على ولي الأمر في حال كان ابنه أو ابنته من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو لديه اضطراب سلوكي، وتختص بمراقبة الطالب وتعديل سلوكه وتقديم جميع الخدمات لديه في حال كان من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة أو المشاكسين وذوي السلوك المخالف، أو يعانون من فرط النشاط الزائد.

ويلعب ما يعرف بـ«مُعلم الظل» دوراً محورياً في مساعدة أصحاب الهمم، وخاصة مصابي اضطراب التوحد، من خلال إسهامه بدمج المصابين وتعايشهم مع الأطفال العاديين في الصفوف الدراسية، بهدف تحسن المهارات الاجتماعية واللغوية ومفهوم الذات لدى أصحاب الهمم، وفي الوقت ذاته العمل على تعديل اتجاهات الأسر التي تضم بين أفرادها أحد أصحاب الهمم، حتى يكونوا أكثر إيجابية في التفاعل معه والقيام بدورهم في عملية التأهيل على أكمل وجه، وبالتالي معلم الظل الذي يطلق عليه أحياناً «مساعد المعلم» أو معلم الدعم، يعد همزة الوصل بين معلم الصف والطالب والأسرة، ولا بد أن يكون معلم الدعم مؤهلاً تربوياً وطبياً، ويمتاز بالصبر والحكمة ودارساً لطبيعة الإعاقة، لكي يؤدي دوره بنجاح، ويكون خير رفيق للطالب على دروب العلم، حسبما أفاد متخصصون.

ورغم ما يقدمه «مُعلم الظل» من دعم للطلبة داخل الصفوف الدراسية فإن عدداً من أولياء الأمور يعانون من الأعباء المالية الإضافية المفروضة عليهم، والتي تضاف إلى أعباء الرسوم الدراسية، إذ يضطر ولي الأمر إلى دفع راتب المعلم الشهري، إضافة إلى الرسوم الدراسية لأبنائه.

ويقوم معلم الدعم في بعض الأحيان بمهام شاملة تختص بمراقبة ومتابعة الطالب عن قرب داخل الصف وخارجه، فيما يناط به وضع خطط علاجية في الجانبين السلوكي والتعليمي للارتقاء بتحصيل الطالب.

6000 درهم

وأوضح أولياء أمور لـ«البيان» أن مُعلمة الظل أثقلت كاهلهم سواء في البحث عنها أو دفع راتبها الشهري، مطالبين بوجود جهة مختصة تقوم بتدريب وتأهيل المواطنات لهذه المهنة بغرض رفع نسبة التوطين من جهة وضمان توفر عامل الأمان من جهة أخرى، إلى جانب مطالبتهم بإلزام المدارس بتعيين هذه المعلمة وعدم إلقاء أعباء نفقاتها على عاتق ولي الأمر، معتبرين أن وجودها يعد داعماً للعملية التعليمية وليست السلوكية أو لمتابعة أصحاب الهمم، علماً بأن المدارس لا بد أن تكون مجهزة لاستيعاب هذه الفئة، مفيدين بأن رواتبهم شهدت ارتفاعاً في الأعوام الأخيرة وتتراوح من 4 إلى 6 آلاف درهم شهرياً، وهي فوق طاقاتهم غالباً، خاصة إذا كان بدوام كلي مع الطفل وليس جزئياً.

وقالت بدرية إبراهيم: «رغم ما يلعبه «معلم الظل» من دور محوري في مساعدة ابني المصاب باضطراب التوحد، من خلال إسهامه بدمجه وتعايشه مع الأطفال العاديين في الصف الدراسي، وما يبذله من جهود في تحسن المهارات الاجتماعية واللغوية ومفهوم الذات لدى ابني ولدى الطلبة من أصحاب الهمم بشكل عام، فإني أتكبد عناء البحث عن معلمة الظل كل عام، إضافة إلى دفع راتبها الشهري، مما يثقل كاهلي، إذ إن النفقات الدراسية إلى جانب راتب معلمة الظل تصل إلى 64 ألف درهم سنوياً لابني في الصف الرابع الابتدائي.

وأضافت أنها اضطرت لإلحاق ابنها بمدرسة خاصة، التي بدورها ألزمتها بالتعامل مع أحد المراكز المدرجة لديها لتعيين معلم الظل، وهو الأمر الذي يدفع هذه المراكز لاستغلال ولي الأمر، فليس أمامه خيار آخر، فهو مجبر أن يتعامل مع هذا المركز بعينه وإلا لن تقبل المدرسة معلم ظل من مكان آخر.

وذكرت ريهام مراد والدة طفل من أصحاب الهمم، أن دوافع الاستعانة بمعلم ظل هي تعديل سلوكياته داخل المدرسة، وما يتطلبه الطفل من هذه الفئة من خصائص ومعاملة خاصة، وأنه يحتاج إلى أساليب وأدوات علمية ومنهاج خاص به، «لكن التكلفة باهظة، وبعد معاناة وفرت لابني مساعد معلم، والحمد لله تابع مع المعلمين برامجهم وأنشطتهم، ويبلغني بها يوميّاً وأصبح همزة وصل بيني وبين المدرسة».

ليس مُعلماً

من جانبها أوضحت الدكتورة إيمان جاد عميد كلية التربية بالجامعة البريطانية دبي وأستاذ التعليم الخاص والدامج، أن معلم الظل ليس بالضرورة أن يكون معلماً أو حاصلاً على شهادة جامعية، وإنما هناك شروط يجب توافرها فيه، ومن أهمها أن يكون دارساً لاحتياجات أصحاب الهمم وحاصلاً على دبلوم تأهيلي بعد الثانوية العامة على الأقل.

وأضافت أنه ينبغي أن ينظر المعلم المساعد لأصحاب الهمم نظرة حقوقية وليس نظرة شفقة، إضافة إلى ضرورة إلمامه بالتشريعات والقوانين الخاصة بهذه الشريحة في الدولة، مشيرة إلى أنه يعد منفذاً للخطة الدراسية وليس واضعاً لها، فالمعني بوضع هذه الخطة هو معلم الفصل نفسه.

وأفادت بأن الجامعة البريطانية بدبي أطلقت برنامج «المعلم المساعد» بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للتنمية الشباب، ومدته عامان، ويسعى إلى تدريب وتأهيل المعلمين المساعدين.

وقالت إن هناك مفهوماً خاطئاً لدى المجتمع بأن معلم الظل يجب أن يكون معلماً دارساً لبرامج التربية، وهذا ليس شرطاً لأن مهامه المنوطة به تقتصر عند تنفيذ الخطة التي يضعها المعلم، لافتة إلى أنه ينبغي أن يكون ملماً بالإسعافات الأولية ليكون مؤهلاً للتعامل مع بعض الحالات الطبية مثل الأطفال المصابين بمرض الصرع على سبيل المثال، مؤكدة أن هذه المهنة لا يجب اعتبارها مهنة من لا مهنة له.

وأوضحت أن مؤهلات مُعلم الظل تختلف باختلاف كل حالة يتابعها، كما يجب أن يتحلى باللباقة في التعامل مع الطفل وذويه ومع معلم الفصل كذلك.

أيضا أكد محمد الغفلي، وهو من أصحاب الهمم «إعاقة بصرية» أنه يعاني من مصاعب إيجاد معلم الظل لأولاده الذين هم من أصحاب الهمم أيضاً، مطالباً الجهات المختصة بتوفير «معلم الظل» كخدمة في المدارس، حيث إنها أصبحت قضية تثقل كاهل كل من يعاني منها.

ومن جهته شدد محمد السويدي استشاري نفسي في وزارة التربية والتعليم، على أهمية وجود معايير واضحة نستند إليها لتحديد الطالب الذي يحتاج إلى المعلم المساعد، مع ضرورة توفير الدعم للمعلمين خلال تدريسهم لأصحاب الهمم سواء عن طريق توفير معلم مساعد في القاعة الدراسية أو توفير الأدوات والوسائل اللازمة في التدريس لفئة خاصة في قطاع التعليم هم أصحاب الهمم، ومع وجود المعلم المساعد فهناك اقتراح بأهمية النظر بعناية إلى طبيعة عمل هذا المعلم وإلى الفئة المستهدفة التي تستفيد من الخدمات والإجراءات.

ويؤكد أخصائيون أن معلمة الظل هي المعلمة الملازمة للطفل كظله، من هنا أُخذ المسمى، لذلك هي من تشرح للطفل ما يطلب منه معلم الفصل، بصورة مبسطة مثل: الوقوف في الطابور، رسم وردة، والكتابة على السبورة.

مساحة

تساعد معلمة الظل الطفل في الكتابة بأن تمسك يده لترسم أو أياً كان النشاط فهي تساعده في المرات الأولى حتى يكون على دراية بما هو مطلوب، مع ضرورة عدم المبالغة وترك مساحة معقولة وفرصة للطفل ليعتمد على ذاته.

كما أنها تهتم به لدى دخوله دورة المياه، حتى لا يصاب بالأمراض الجلدية أو بالحرج، وأن تشرف على انضباطه في الممرات، وانضباط تصرفاته ضمن تصرفات طلاب المدرسة قدر الإمكان، إضافة إلى إشرافها على سلامته.

انضباط

معلمة الظل مسؤولة عن انضباط الطفل في وقت الفسحة، والانصراف وداخل الفصل، وفي حافلة المدرسة، (وقت النزهات )، فهي من تشرف عليه بأن يتناول وجبة الإفطار سواء كانت معدة من قبل الأسرة أم تباع في المدرسة، فتختار الأطعمة الصحية، لمراعاة صحة الطفل والابتعاد عن الحلوى المبالغ فيها والشوكولاته، لأن من شأنها أن تزيد نشاط الطفل وبالتالي عدم تركيزه خلال باقي اليوم.

إشراف

تشرف المساعدة على سلامة الطفل بالمدرسة من حيث حمايته من الصعود للأماكن الخطرة أو من وجوده ضمن مجموعة من الأطفال المتسمين بالعنف أو ما شابه، كمن يأخذ طعامه أو يسيء إليه جسدياً سواء بالضرب أو الاعتداء، وحمايته من الإساءة المعنوية كالشتم والسخرية، وفي المقابل أيضاً تمنعه من القيام بالسلوكيات السلبية، إلى جانب حرصها على سلامة الطفل من حيث صعوده بأمان إلى الحافلة.

«هيئة المعرفة»: شروط خاصة لممارسي المهنة

أوضح الدكتور أحمد سعد الشريف، نائب رئيس مجلس المديرين، نائب المدير العام لهيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، الشروط الخاصة الواجب توافرها في معلم الظل، لافتاً إلى أنه يجب أن يكون حاصلاً على مؤهلات تدريبية وخبرات تمكنه من أداء دوره وفقاً لاحتياجات الطالب المحددة.

وأضاف أنه في الوقت الحالي لا توجد أي مراكز معتمدة ومسجلة لدى الهيئة، وإن وجدت فسيتم ترخيصها من قبل هيئة تنمية المجتمع، مشيراً إلى أنه يتعين على المدارس توفير عدد محدد من معلمي الدعم لتلبية احتياجات الطلبة من أصحاب الهمم، وهذا يعتبر أكثر فاعلية من ترك الأمر لذوي الطفل، أما في حال عدم توفر معلم الدعم من قبل المدرسة ذاتها ففي هذه الحالة يجب أن يكون هناك اتفاق مسبق وواضح بين أولياء أمور الطلبة من أصحاب الهمم والمحتاجين للدعم وبين إدارات المدارس.

وأفاد بوجود ضوابط واشتراطات معتمدة وضعتها الهيئة لتعيين معلم الظل أبرزها وجود تقرير طبي يؤكد حاجة الطالب لذلك ليقوم بدور المعلم المساعد أو المساند للطفل، ولا يجوز للمدرسة تعيين معلم ظل من دون الرجوع للهيئة أو تقديم ما يثبت حاجتها.

وأوضح الدكتور الشريف أن طلبات المدارس الخاصة في دبي بشأن تعيين معلم الظل تخضع للضوابط والاشتراطات المعتمدة، بحيث تتولى الفرق المختصة في الهيئة مراجعة ودراسة هذه الطلبات التي يجب أن تكون مدعومة بالتقارير الطبية ذات العلاقة، واتخاذ ما يلزم بشأنها تبعاً لكل حالة على حدة، ومن ثم توثيق الحالات التي يتم الموافقة عليها ضمن عقد ولي الأمر والمدرسة.دبي - البيان

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم