اخبار اليمن اليوم الأحد 12/8/2018 اكاديمي عربي يكتب: اليمن التي عرفتها عن قرب وحربها الطويلة

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

اليوم الأحد 12/8/2018

كتب/ د. كريم فرمانوددت كتابة هذه الأضاءة عن اليمن التي عرفتها عن قرب لمدة اربعة سنوات متواصلة مقيماً بها في ثلاثة مواضع الأول قريب من مركز الحكم والثاني استاذا في جامعة كلية التجارة والثالث علاقاتي الأجتماعية مع المشايخ ورجال القبائل والطلبة الذين يعبرون بعفوية عن طبيعة انشغالاتهم، فعندما وصلت صنعاء في مطلع شهر اكتوبر من عام 1991م كانت حرب الخليج الأولى لها تداعياتها وشعبية على أوجها بين اليمنيين ولما كان عدد العراقيين آنذاك لا يزيد عن اربعة اشخاص فتسابقت الى مكتبي المتواضع وفودا من طلبة الكليات الأخرى للسلام على أستاذ عراقي .
اليمنيون بشكل عام شعب صعب المراس وبطبيعته ينشأ اليمني وكأن الله قد خلقه لمهمة واحدة هي القتال ولا تستغرب ان تشاهد طفلا لا يتجاوز سن السابعة يطلق الرصاص من الكلاشينكوف وهم أيضا شعب فائق الذكاء وموهوب وصبور وكريم وتتجسد فيهم صورة الحكمة اليمانية والأيمان كما وصفهم نبينا الكريم محمد(ص). وتجتمع في الشخصية اليمنية في آن معا وبسبب طبيعة التضاريس الجغرافية والتأريخ العظيم صفتان متناقضتان هما القسوة واللين وهذه يمنية يصعب على غير اهلها فك شفرتها .
ولمعرفة الحاضر اليمني وما يجري به من تفاعلات سياسية وانشقاقات حادة وتعدد الولاءات لا بد من تشخيص البنية الأجتماعية شبه الثابتة في اليمن رغم تغير اشكال الحكم من امامي ملكي الى جمهوري الى نظام وحدوي شبه ديموقراطي فالنظام الطبقي لا زال متحكما في جوهر المجتمع خصوصا في الشمال اذ ينقسم المجتمع الى 1- بقايا الحكم الأمامي وأمتداداتهم مع من ارتبطو بهم مصلحيا ووجدانيا من رموز تأريخية او امتدادات سلالية ومن هؤلاء يتفرع ومركزهم مدينة صعدة 2 - طبقة السادة وهؤلاء يؤكدون كونهم من آل البيت حسباً ونسبا وأنهم من آزرو حكم الأئمة وتولوا خلاله ارفع المناصب ويستبد بهم الحنين الى ماضيهم وكنت ارى في الطرقات والمجالس مظاهر التقدير لهم من تقبيل الأيادي والرأس الى حد تقبيل ركبهم ويرتدون زياً مميزا ويخضبون لحاهم الكبيرة حتى تبدو في اليوم التالي حمراء صفراء تسر الناظرين .3- طبقة الفقهاء وهم بمثابة الطبقة المثقفة وليس لهم علاقة بالفقه الشرعي او التفسير وليس غريبا ان ترى مأمور البريد او مدير المستشفى واحدا منهم 4- طبقة مختلطة اجتماعيا ترتبط بوشائج المصالح والتحالفات وتظم التجار وشيوخ القبائل وكبار الموظفين وضباط الجيش 5- طبقة المزارعين وباعة الخضر والجزارين والحلاقين والعنصرين الأخيرين يعانيان من حصارا اجتماعيا خانقا فلا يحظون بالتقدير والتكافؤ ويمكن ان نعد من ضمن هذه الطبقة من يدعون بالأخدام وهم اشبه بطبقة المنبوذين في الهند .
ان هذا النمط من التصنيف الأجتماعي ليس من عدالة الإسلام في شيء والتركيبة الأجتماعية هي من تحدد اتجاهات الحراك الأجتماعي والسياسي في أي بلد وبسبب هذه النمطية فقد بقيت شرائح في شمال اليمن مرتبطة ذهنيا وعاطفيا بحكم الأئمة الزيود ابتداءا من الأمام يحيى وأبنه الأمام أحمد ومن ثم آخرهم الأمام البدر وعلى الرغم انك في صنعاء لا تلمس فروقات بين السكان في صلواتهم وطقوسهم في مساجدهم أي بين الشوافع والزيود لكن هناك مثلما ذكرت اعداد كبيرة من طبقة السادة الذين يصر اليمنيون على مخاطبتهم بكلمة (سيدي) بمد الياء تبجيلا واحتراما وبقايا البيت الأمامي وشرائح من القضاة ورجال الدين يرتبطون بالماضي وكثيرا ما يشككون في احاديثم بالحكم الجمهوري لليمن وهؤلاء بالحقيقة هم من اشتغل عليهم ومن وراءه إيران فأستطاع وبأساليب حاذقة من تحويل اعدادا كبيرة منهم خصوصا في مدينة صعدة من المذهب الزيدي الى الى المذهب الشيعي الأثني عشري.
اليمن التي عرفتها بمثابة عجلة تدور في محلهاعلى الرغم من ان الرئيس الراحل علي عبدالله صالح قد بذل جهودا كبيرة في تحقيق مكاسب مهمة فحصل تطوير في العاصمة والمدن وأزداد عدد الجامعات وأتسعت رقعة التعليم واستخراج النفط وغيره ألا أن الرجل لم يكن راغبا اوقل قادرا على أحداث تغيير جوهري في تحقيق الأندماج والتغلب على أزمات اليمن المزمنة في فرض القانون والتغلغل في اقليم الدولة وتوزيع الخدمات وقد كنت قريبا منه جدا وأحسبه كان ذكياً وماهرا وسياسيا داهية على تدني تحصيله الدراسي لكنه كان مؤمنا ان حكم اليمن لا يستمر الا بالمناورة والمداهنة واحيانا بالقوة وليس مراقصة الثعابين كما تنسب له فقد نفى هو نفسه ذلك ومرة ذكر لي السياسي اليمني البارزعبد الكريم الأرياني أننا كنا خلال أزمة الكويت محتارين في توصيف الأحتلال العراقي للكويت في بياناتنا بما لا يغضب حليفنا العراق ولا المحيط العربي فهناك من اقترح غزو وهناك من قال الهجوم العراقي وهنا نطق الرئيس استخدموا مفردة الأجتياح ؟
وكثيرا ما كان الرئيس صالح يشير الى خنجره الذي يتمنطق به كما هي التقاليد ويوشر بصبعه نحو هذا الخنجر او الجنبية بلهجة اليمن ليقول بهذا جئت وبه أذهب؟؟ وصدقت رؤيته فقد وصل للحكم به وانتهى لاحقا به ؟
دعيت مرة لإلقاء محاضرة في كلية الأركان والقيادة في صنعاء من طرف عميدها ان كنت اتذكره جيدا اللواء السياغي في عام 1993 عن الأستراتيجية الوطنية والسياسة العليا وعند انتهاء المحاضرة والأجابة على بعض الأسئلة فكانت عبارة الختام من طرف عميد الكلية وانت يا دكتور ماذا ترى لليمن ؟
ولما كانت عبارة الختام (فماذا ترى ) تنطوي على كثير من الرقة والتواضع ودماثة الخلق والتلميح الذكي فقلت ان اليمن دولة قوية وضعيفة معاً قوتها تكمن بتأريخها المجيد وقوية بنسيجها القومي وقوة الفرد اليمني لكنها ضعيفة في قابليتها للانشطار السياسي والوطني وفكرة الدولة ككيان لا زالت هشة في العقل اليمني والحكم أشبه برجل يجلس على فوهة بركان لا يعلم متى يثور وجرى نقاش طويل لا لزوم لذكره في هذه العجالة فقط اريد الوصول الى نقطة جوهرية بأن الحرب في اليمن ومثلما يقول كثيرين قد طالت أكثر مما يجب فهي ليست حرب بين جيشين نظاميين انما بين قوات مدربة ومسلحة جيدا وبين ميليشيات تحركها شعارات سلالية وطائفية وحسمها ليس عسيرا ومن يقول ان لا احد في التاريخ حقق نصرا في اليمن فهذا توصيف غير دقيق فقد أحتل وحكم صنعاء الفرس والأحباش والعثمانيين فترات طويلة لكن هذه الحرب حديثة تستخدم فيها كل الأسلحة وقد كسبت وقوى العربي الحرب سياسيا من خلال عدم الألتفات لمشروع الحوثي شعبيا او دوليا الا ان النزاع أستطال دونما حسم وربما يطول أكثر فالحروب تبدايتها سهلة ونهايتها صعبة خارج التوقعات اتذكر مرة كنت في اجتماع في الجامعة المستنصرية ببغداد عام 1980م وقد مر على الحرب مع ايران خمسة اسابيع ويترأس الأجتماع نائب الرئيس العراقي سابقاً طه ياسين رمضان ( رحمه الله ) فسأله احدهم هل اعدت القيادة مستلزمات الحرب اذاما طالت؟ فأجاب بسرعة يا رفيقي لا تقلق فقد اعدت القيادة امكانات حتى لو طالت الحرب لستة شهور لكنها استمرت للأسف ثمانية سنوات ؟
غير أن السؤال ما الذي ينهي الحرب عسكريا؟ ولأنني لست عسكريا فقد سألت اثنان من الجنرلات العراقيين ممن اثق بقدراتهم العسكرية احدهما أمضى عشرين عاما أستاذا في كلية الأركان اليمنية وآخر عمل مستشارا عسكريا في صنعاء ولهما معرفة وافية بصنعاء واليمن والتقت رؤيتهما ان مفتاح النصر يكمن في صنعاء وليس على اهميتها كميناء يشكل مورد مالي للحوثي والذي يستطيع الحصول على تمويل أكبر ومن اطراف عدة الا ان رمزية صنعاء كعاصمة سياسية وتاريخية جد مهمة فبسقوطها يسقط الحوثي ومشروعه وتهرب فلوله وكما قالا باللغة العسكرية خطوتين وتنتهي بهما حرب اليمن الأولى تطويق صعدة لقطع الأمداد عن صنعاء والثاني الشروع بالهجوم على صنعاء ومحاصرتها وهي تشبه صحن منبسط تحاصره الجبال من كل الجهات عدا منفذ المطار عمران ومنفذ الجوف وليس من الضروري اقتحامها تلافيا للخسائر والضغوط الدولية فالحصار والمشاغلة وقصف مراكز المليشيات بطائرات الأباتشي وتحريك مجموعات من سكانها ضد سلطة الحوثي سوف ينهيها خلال شهرا واحدا سيجعلهم يفرون منها كالجرذان .
ولولا ان للأموات حرمة لدى الأحياء كنت وضعت كل النقاط على الحروف لكي يعلم الذين لا يعلمون ان الله سبحانه وتعالى ليس بظلام للعبيد وكما قال الشاعر ..لو أنصفوا أُنصفوا لكن بغوا .. فبغى عليهم الدهر بالآفات والمحن . اللهم ثبت أهل اليمن الطيبين على الحق والوحدة وأحفظ هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
دنيا الوطن

اخبار اليمن اليوم الأحد 12/8/2018


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق