اخبار اليمن اليوم الثلاثاء 3/1/2017 رحلات الموت من عدن إلى جيبوتي ( تقرير)

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

اليوم الثلاثاء 3/1/2017

تقرير/ نجيب العدوفيلا تبدو الدروب سالكة أمام اليمنيين، ففي الداخل اليمني يعانون الفقر والجوع والحرب، وعندما يفكرون بالهرب من جحيم الداخل يواجهون ما هو أمّر، “المشاهد” يرصد معاناة اليمنيين الذين يركبون البحر.
الركوب على ظهر السفن التي تنقل المواشي يسلبهم إنسانيتهم، فهم يزاحمون المواشي بلا مقاعد ولا خدمات، ولا وسائل سلامة، ويواجهون معاملة لا تفرق بين معاملة تلك المواشي وهؤلاء المسافرين، فالكل يتسابق ليحجز لنفسه مكاناً على هذه الألواح، والأماكن التي سبقتهم إليها المواشي من ماعز وأبقار وغيرها.
بات اليمنيون الذين يركبون البحر يُعرفون برائحتهم التي تميزهم وهي رائحة المواشي، وبإمكان الجميع أن يعرف اليمني القادم عبر البحر، فهو يصل إلى الداخل أو الخارج بهذه الرائحة، كونه يتعايش مكرهاً مع الحيوانات على ظهر سفنها.

معاناة السفر

قصص مأساوية ينقلها “المشاهد” عن معاناة اليمنيين الذين يسافرون عبر البحر، إلى جيبوتي ومنها يتجهون إلى أميركا أو الهند أو غيرها، فالبعض يسافر من أجل الدراسة، وآخرون مرضى، والبعض بغية متابعة السفارة الأميركية بجيبوتي والحصول على فيرا لدخول أميركا للعمل أو زيارة أقاربهم.

“الزعيمة” اسم يُطلق على السفينة التي تنقل من يغادرون البلد صوب جيبوتي، ومنها إلى أميركا أو الهند أو غيرها من البلدان، فهذا الاسم لا تستحقه هذه السفينة وفقاً لمن يصعدون على ظهرها.

يحكي أحد المسافرين لـ”المشاهد” معاناة الانتحار وركوب البحر على ظهر “الزعيمة”، حيث تبدأ معاناة اليمني المسافر والهارب من جحيم الحرب في اليمن عبر ميناء بعملية الحجر وقطع تذاكر الصعود في “الزعيمة” التي من باب الافتراء أن تُطلق عليها هذه التسمية، وبخطوات مضنية بين المكتب الوحيد على مستوى اليمن الذي يقوم بالحجز وقطع التذاكر في عدن وبين حكاية المعاناة التي يبدأ سريان مفعولها عند بوابة هذا المكتب الذي يدعي أنه لا يوجد حجز وأن المقاعد ممتلئة.

في هذا المكتب يقول لك المسؤول لا يوجد مقاعد شاغرة، ولكن ربما سنبحث لك عن مكان بالقرب من القبطان، وعليك أن ترجع إلينا بعد ساعة فقط، ولك أن تتخيل ثقل دقائق هذه الساعة على مواطن قادم مع أفراد عائلته من محافظة أو إب بغية الوصول إلى السفارة الأميركية لمتابعة إجراءات استخراج فيزا لدخول أميركا.
يسمح للمسافرين بالوصول إلى “الزعيمة” (السفينة )، وعند الوصول يلف الذهول كل المغادرين ليكتشفوا أنه تم الكذب عليهم، وأنهم مخدعون، فلا السعر موحد ولا المعاملة تدل على الإحسان، وحتى الزعيمة يكتشفون أنها في حقيقة الأمر حقيرة، فهي سفن مخصصة بنقل الحيوانات بطول وعرض البحر، وما يجري عبارة عن فهلوة للخوض بهذا الشكل من العبثية بأرواح الناس.
ويقول المسافرون: “من الغريب والعجيب والمخيف والمروع كيف يُسمح لهذه السفن بنقل ما يزيد عن 150 نسمة بكل رحلة؟ دون أن تُراعى أدنى معايير السلامة.

رحلات الموت والانتحار

يجلس المسافرون فوق الألواح الخشبية للسفينة، التي يقول عنها المسافرين أنه من الزور أن يُطلق عليها سفينة، وفي ذات المكان أيضاً ينامون وقد سبقتهم إليه الآلاف المواشي من الماعز وغيرها، وهذه الألواح منذ تركيبها وهي تخوض رحلات موت وانتحار حقيقي.
إحدى السفن التي تُقلُ على ظهرها البشر والمواشي، مفروشة بـ”طرابيل” تنبعث منها روائح الماعز والأغنام، ويغطي سقفها أيضاً “طرابيل” من النوع البلاستيكي الذي لا يستقر بفعل رياح البحر التي تصر إلا أن تعزف لحن الأسى المنفرد على ظهر سفينة الموت طوال الراحلة التي تمتد في الظروف الطبيعية إلى 23 ساعة.
بعد 23 ساعة تكون السفينة “الزعيمة” على مقربة من ميناء “أوبخ الجيبوتي”، وهو المكان الذي اتخذت منه الحكومة اليمنية والداعمين مكان لإغاثة واستقبال اليمنيين الفارين والنازحين أثناء الحرب التي دارت بين الحكومة وجماعة صالح في محافظة عدن.

رجال الأمن مجبولون على الابتزاز

يسرد المسافرون عبر البحر والهاربون من جحيم الحرب حكايات تتخلل رحلتهم المحفوفة بالمخاطر والتي تمتد لـ23 ساعة، ويقول أحد المسافرين: “عندما يصعد رجال الأمن إلى “الزعيمة”، ويطلبون من قبطان السفينة جوازات الركاب يختارون بعناية فائقة المكر جوازات الركاب الذين لديهم معاملات في السفارة الأمريكية، وهنا تبدو عملية التعنت واضحة، وبالرغم من وضوحها إلا إن الجميع يلزم الصمت خوفاً من غضب ضابط الميناء الذي يستطيع أن يمنعك من مواصلة رحلتك بحجة أن الختم غير واضح أو بسبب حرف واحد من حروف الاسم لونه داكن ولا يشبه بقية الأحرف، في حين أن سبب ذلك عملية التصوير الضوئي.. وبهذه الحجج الواهية يتعرض هؤلاء المسافرون لابتزاز جائر يبدأ بمائتين دولار وينتهي عند ألف وخمسمائة دولار، وليس أمامنا إلا أن ندفع كل ما يُطلب منا ليُسمح لنا بعدها بالمرور”.

الوقوف تحت الشمس الأفريقية

ميناء أوبخ يبعد حوالي أربعين دقيقة من جيبوتي المدينة وبعدها ينزل الركاب إلى مكتب ميناء جيبوتي وبعد نزول الركاب مع أغراضهم بالقرب من “الزعيمة” وتحت هجير شمس افريقية يقف كل راكب أمام حقائبه، وقبل مرور رجل الأمن المكلف بالتفتيش تحصل أن يسقط على الأرض طفل أو امرأة أو رجل من شدة الإجهاد والسهر والإرهاق، ويأتي رجل الأمن حاملاً عصا يكتفي بالتلويح لك بها لتفهم أنه يطلب أن تفتح حقيبتك، حسب ما يقوله أحد المسافرين.

أربع ساعات بانتظار مسؤول السفارة اليمنية

مرحلة أخرى تضاف إلى قاموس محنة السفر إلى جيبوتي -حسب ما يقوله أحد المسافرين ويضيف: “يقف المسافرون في انتظار جوازاتهم المحجوزة لدى عامل السفارة اليمنية حتى يصل القنصل أو السفير الذي حينها يكون حينها واقع تحت تأثير عصارة “القات الهرري”، وقبيل وبعد انتظار يدوم عادة من 3 إلى 4 ساعات يظهر سعادة السفير أو القنصل مبادراً بسؤال للمسافرين، كيف الأحوال وكيف كانت الرحلة؟ وتُقابل مجاملته هذه بصمت مطبق من جميع الحاضرين، حينها يضع توقيعه وبعدها يستكثر عليه الركاب حتى نظرة وداع أثناء مغادرته المكان بسيارته”.

رحلة أخرى تبدأ خارج الميناء

الخروج من الميناء والدخول إلى المدينة لا يفصله فاصل مكاني، فالكل متصل حتى الأسى لا ينفصل رحلة “مكوكية” منهكة تبدأ خارج الميناء، ومن أقصى المدينة الشمالي نحو تبدأ عملية حصر الفنادق والنزل ليصطدم المسافر اليمني بارتفاع أجرة السكن في الفنادق داخل جيبوتي حيث تبدأ من 30 – 70$ لليلة الواحدة، ولولا المشاهد الرثة التي تظهر المدينة أسمال الفقر لأهلها لظن الزائر أنه انتقل إلى دبي أو القاهرة فقط بسبب تسعيرة السكن في جيبوتي.

يشعر الطالب اليمني المغادر إلى الهند أو طالب الدخول إلى أميركا أن معاملات السفارات فيها الكثير اللإنسانية، والغريب أن يمنيين كُثر أصبحوا جيبوتيين بحجة ولادتهم في الأراضي الجيبوتية، ولكن هذا الأمر لا يغير شيئاً من فصول معاناة الداخليين إلى جيبوتي.

ربما تكون هذه فصول مأساوية مشتركة لكل اليمنيين الداخليين إلى جيبوتي فقط لأن الظروف أجبرتهم على المرور بهذه الأرض التي لم تعتاد على مشاهدة وجوه المارة العرب عبر أراضيها.

ينفق المسافر اليمني بمفرده فقط في يومه وليله من 100 إلى 130$، فأغلب هؤلاء يهربون من البلد الذي يشهد حروباً بلا انقطاع، ويعيش ساكنيه حالة التنقل والنزوح والتشرد ومعاناة داخلية، وعندما يبتسم لهم القدر بالخروج من هذه الدوامة يكتشفون أنها استمرار لمسلسل محزن يتقمص فيه المواطن اليمني دور البطولة المنزوعة الإرادة والمعدومة الخيرات.

الحنين إلى الوطن رغم الألم

يقول أحد المسافرين: “ثمة أشياء تستوقفنا دون أدنى إشارة مسبقة.. تتثاقل معها الخطوات وتجعلها مترنحة تتمنى العودة إلى تراب اليمن، فقلق المصير عصيب يجتاح جسد كل يمني غادر السواحل اليمنية متوجهاً إلى جيبوتي، وكلما توغلت السفينة إلى الأعماق توغل اليأس ناخراً كيان اليمني المشهود له بالعزيمة والمقاومة”.

الزمن اليمني وحده المختلف حين يتقاطع مع العديد من أزمنة الناس المبعثرة التي يحاول معها أن يعيش القليل من ساعات الفرح، وأن يغدوا المواطن اليمني سعيداً في حله وترحاله، إلا أن ذلك أضحى رابع المستحيلات كما يبدو، وكيف يكون ذلك؟، والحكومات المتعاقبة تجعله آخر اهتمامها سواءً داخل البلد أو خارجه.

اخبار اليمن اليوم الثلاثاء 3/1/2017


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق